فصمت الطبيب قليلا ثم قال: الأعمار بيد الله، أما الطبيب فيقرر في حدوده أن هذه الحال لا يمكن أن تستمر أكثر من ثلاثة أيام ...
وتلقى كمال نذير الموت بتجلد، وأوصل الطبيب إلى الباب الخارجي ثم عاد إلى الحجرة. وكانت الأم نائمة، أو كالنائمة، لا يبدو من الغطاء الكثيف إلا وجهها الشاحب وفوها المطبق في شيء من الاعوجاج. وكانت عائشة واقفة حيال السرير فأقبلت نحوه متسائلة: ما لها يا أخي؟ ماذا قال الطبيب؟
وقالت أم حنفي من موقفها عند مقدم الفراش: إنها لا تتكلم يا سيدي، لم تتكلم كلمة واحدة ...
وقال لنفسه: ولن يسمع لها صوت بعد الآن. ثم قال مجيبا أخته: حالة ضغط مصحوبة بإصابة برد خفيفة، سوف تريحها الحقن!
فقالت عائشة، ولعلها كانت تخاطب نفسها: إني خائفة، وإذا كانت سترقد هكذا طويلا فكيف تحتمل الحياة في هذا البيت؟
فتحول عنها إلى أم حنفي وسألها: هل أخبرت الجماعة؟ - نعم يا سيدي، وستحضر ست خديجة وسي ياسين في الحال، ما لها يا سيدي؟ كانت في الصباح في تمام الصحة والعافية ...
كانت! ... وهو يشهد بذلك! وقد مر بالصالة كعادته كل صباح قبل انطلاقه إلى مدرسة السلحدار، فتناول فنجان القهوة الذي قدمته له وهو يقول: لا تغادري البيت اليوم؛ فالجو بارد جدا ...
فابتسمت ابتسامتها الرقيقة وقالت: وكيف يطيب لي اليوم دون زيارة سيدك؟
فقال محتجا: افعلي ما يحلو لك، أنت عنيدة يا أماه!
فتمتمت: ربك الحافظ.
ناپیژندل شوی مخ