وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [النمل: ٢٤،٢٦] . والشمس أعظم ما يري في عالم الشهادة وأعمه نفعا، وتأثيرًا. فالنهي عن السجود لها نهي عما هو دونها بطريق الأولى من الكواكب، والأشجار، وغير ذلك.
وقوله: ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾، دلالة على أن السجود للخالق لا للمخلوق، وإن عظم قدره، بل لمن خلقه. وهذا لمن يقصد عبادته وحده. كما قال: ﴿إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾، لا يصلح له أن يسجد لهذه المخلوقات، قال تعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ [فصلت: ٣٨]، فإنه قد علم سبحانه أن في بني آدم من يستكبر عن السجود له فقال: الذين هم أعظم من هؤلاء لا يستكبرون عن عبادة ربهم، بل يسبحون له بالليل والنهار ولا يحصل لهم سآمة ولا ملالة، بخلاف الآدميين، فوصفهم هنا بالتسبيح له، ووصفهم بالتسبيح والسجود جميعا في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ
1 / 34