288

فهذا التناقض في موقفكم بين الخارجين على عثمان والخارجين على علي ومن كان مع الخوارج؛ دليل على أنكم لستم جادين في تطبيق حسن الظن بالجميع وإنما تريدون إحسان الظن بأناس دون آخرين ممن هم أفضل منهم، وهو دليل أيضا على أن الدولة الأموية كان لها الأثر البالغ في تشكيل كثير من العقول المسلمة بالرغبة والرهبة، فتكون لها علماء أنتجوا فكرا يجمع بين صواب النظرية وباطل التطبيق فوصل هذا الفكر الخليط لعلماء الشام والبصرة ثم وصل لأوائل الحنابلة وبعض أهل الحديث، ثم أخذه منهم علماء الشام وخاصة ابن تيمية ثم أخذناه نحن من ابن تيمية وتلاميذه كابن كثير وابن القيم رحمهم الله وسامحهم، فتسلسل النصب مختلطا بالسنة من القرن الأول إلى أيامنا هذه، حتى أصبحت النفوس تهوى ذم الخارجين على عثمان مع أن فيهم صحابة وتابعين بإحسان؛ بينما تدافع بكل حماس عن الخارجين على علي المصرين على البغي من أهل الشام كمعاوية وعمرو بن العاص وأبي الأعور السلمي وبسر بن أبي أرطأة وغيرهم!! وفي هذا أبلغ دليل على هذه المسيرة الفكرية المختلطة التي لا يتنبه لها إلا منصفو الباحثين.

مخ ۲۸۹