245

الطبقة الثامنة من التابعين: الوفود

طبقة الوفود: ويدخل في هؤلاء نحو تسعين وفدا أغلبهم من التابعين، وقلت (أغلبهم) لأن فيهم نحو خمس قبائل لهم حكم أصحاب الصحبة الشرعية لقدم إسلامهم وتحالفهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكونوا من الأعراب، وإنما كانوا من مهاجرة البادية القريبة من المدينة، وهم قبائل مزينة وأشجع وأسلم وغفار وجهينة، فهؤلاء كانوا ينصرون النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا استنصرهم وينفرون إذا استنفروا.

وقد قدم وفد مزينة في السنة الخامسة فهو أقدم الوفود وجعل لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الهجرة حيثما كانوا، أما جهينة فأسلمت في الأشهر الأولى من السنة الأولى من الهجرة، وأما أسلم فأسلمت قديما أيضا، وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم الهجرة في ديارهم وكانت يوم الرضوان ثمن المهاجرين، وأما غفار فأسلم أكثرها بدعوة أبي ذر، وكانت متحالفة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسلمها وكافرها، وكذلك أشجع كانت متحالفة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأسلم كثير منهم، فلذلك جاء الحديث في الثناء على هذه القبائل كقول صلى الله عليه وآله وسلم: ((أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها)).

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة ومن كان من بني كعب موالي دون الناس والله ورسوله مولاهم)).

و(دون الناس) هنا يعني دون الطلقاء وبقية الأعراب والعتقاء لأنه يساهم في تفسير (الناس حيز وأنا وأصحابي حيز) وحديث (المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض إلى يوم القيامة) وقد سبق الحديثان في النصوص الشرعية التي سقناها سابقا، وهذا الحديث فيه إثبات ولاية هذه القبائل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم دون سائر الناس من الطلقاء والأعراب والقبائل البعيدة التي لم تدخل الإسلام إلا بعد فتح مكة.

مخ ۲۴۶