قيل لهم: النصوص الشرعية أيضا تخرج الذين أسلموا بعد الحديبية من الصحبة على الراجح وتخرج المسلمين بعد فتح مكة بأدلة أوضح وأصرح، فإما أن تحتجوا باللغة مطلقا في التعريف، أو تتركوا الاحتجاج بها عند معارضتها للنصوص الشرعية، إذن فالمتوسعون في إطلاق الصحبة على كل من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليسوا معذورين في التعلق بمطلق اللغة، لكن لا عذر لنا في ترك الاحتجاج بالنصوص الشرعية.
ولو احتججنا باللغة دون الشرع لما وجبت علينا أركان الإسلام بعد الشهادتين؛ لأنه بقليل من الدعاء يمكننا أن نقول إننا قد صلينا؛ لأن الصلاة في اللغة تعني الدعاء؛ وهكذا الإيمان فإنه بقليل من التصديق نستطيع أن نقول: إننا مؤمنون؛ لأن الإيمان لغة يعني التصديق.
والغريب أن الأخوة من غلاة السلفيين والحنابلة ينكرون على الحنفية وغيرهم تعريفهم للإيمان بأنه التصديق؛ لأن الحنفية - في نظر هؤلاء- يكونون بهذا التعريف قد أهملوا النصوص الشرعية في بيان الإيمان ومعرفة حده، بينما يقعون هنا في الخطأ نفسه عندما يعتمدون على مطلق اللغة في تعريف الصحبة ويغفلون الأدلة الشرعية المخصصة للصحبة.
إذن فالنصوص هي المعيار الصحيح في تحديد معنى الصحبة الشرعية، وليس اللغة؛ لما سبق من المحاذير والإشكالات والإلزامات المحرجة ومن أبرزها دخول الكفار والمنافقين في جملة الصحابة إن اعتمدنا على اللغة وحدها في تعريف الصحابي والصحبة.
إضافة إلى أنه من الناحية اللغوية نجد ألفاظا أفضل من الصحبة كان يمكن إطلاقها على هذا المعنى مثل الاتفاق والانقياد والحب والاحتذاء والاقتداء ونحوها فهي أفضل دلالة من لفظ الصحبة لوضوح دلالتها وتحديده بعكس لفظ (الصحبة) واسع المعنى، أو القابل لتعدد المعاني واختلافها.
مخ ۱۹