وأما فى التبكيت الذى يظهر السوفسطائيون فعله، وليس تبكيتا، بل تضليلا، فنبدأ — ونحن للطبيعة مقتدون — بالكلام فى المبادئ ونقول: إنه من البين أن القياس منه موجود، ومنه ما يظن موجودا وليس كذلك. وذلك أن الشبهة قد توجد فى الأقاويل كما توجد فى الأمور الأخر التى يضلنا فيها ما لها من المشابهة، وذلك أن بعض الناس جميل الاعتقاد، وبعضهم يظن ذلك به للعجب بما يجرى مجرى الأخبار ولتعظيمهم نفوسهم، والذين ينسبون إلى الجمال: أما بعضهم فلما له من ذلك، وأما بعضهم فيظن ذلك به لما تكلفه من الزينة. ومثل ذلك أيضا يوجد فيما لا نفس له، وذلك أن منه ما هو فضة، ومنه ذهب بالحقيقة، ومنه ما ليس كذلك، بل البصر يتخيله. مثال ذلك أن الحجارة الفضية والتى تتخذ من الرصاص القلعى منسوبة إلى الفضة، والأشياء المصبوغة بالمرار منسوبة إلى الذهب؛ فعلى هذا النحو أيضا يكون القياس والتبكيت: أما ذاك فموجود، وأما هذا فغير موجود، بل يظن ذلك به لعدم الدربة، وذلك أن الذين لا دربة لهم لعدمهم لها كالناظرين من بعد. فأما القياس فهو قول من أشياء موضوعة ليلزم عنها شىء آخر من الاضطرار. والتبكيت هو قياس يتضمن مناقضة النتيجة، — السوفسطائيون يفعلون ذلك من غير أن يشعر بهم، لأسباب كثيرة أحدها قوى مشهور جدا، وهو الذى يكون عن الأسماء، ومن قبيل أنا عندما نتكلم إنما نأتى بالأسماء، لا الأمور،
مخ ۷۴۱