وينبغى أن نتأمل جميع الأقاويل: فإن منها ما يسهل الوقوف عليه، ومنها ما يعسر ذلك فيه جدا. وقولنا: «نحو شىء»، و«فى شىء» شديدة التضليل للسامع إذا قيلت فى أشياء واحدة بأعيانها. وذلك أنا ينبغى أن نسمى الكلمة الواحدة بعينها بما إليه تنسب. وقد تكون الكلمة الواحدة بعينها: أما عند بعض الأمور فمن الصوت، وفى بعضها من العرض، ويظن ببعضها أنها من معنى آخر، من قبل أن كل واحد من هذه إذا أتى به مختلفا لم يكن ما يفهم منه على مثال واحد، بمنزلة ما فى هذه التى تكون من الاشتراك فى الاسم النحو المظنون من الضلالات أشد خطأ. فأما هذه فتكون معلومة فى جميع التى من العرض. وذلك أنا قد نجد جميع الأقاويل المضحكة — إلا الشاذ منها — إنما يكون من الصوت: مثال ذلك أن رجلا كان يصعد على سلم الكرسى،: إلى أين؟ — إلى السارية، و: أى الثورين رأيت قدام؟ ولا واحد منهما، بل جميعا من خلف،: و: هل 〈ريح〉 الشمال خالصة؟ — كلا، وذلك أنه مما يقتل المسكين والذى كان يبيع، و: هل هو أو ورخوس؟ كلا، بل هو أفولونيدس. وعلى هذا النحو بعينه يكون فى أكثر الأشياء الأخر إلا اليسير منها. وقد يضل بهذه الأشياء القوم الذين يظن بهم أن لهم دربة. ويدل على هؤلاء أنهم كثيرا ما يختصمون فى الأسماء، أعنى نقل الموجود والواحد يدلان على جميع الأشياء دلالة واحدة بعينها، أو مختلفة. وذلك أن هؤلاء الذين يظنون أن الموجود والواحد يدلان على شىء واحد بعينه هم الذين ينقضون قول زينن وبرمانيدس لأن هذين يقولان إن الواحد والموجود يقالان على معان كثيرة. وعلى هذا المثال يجرى الأمر فى التى من العرض ومن كل واحد من تلك الأخر. فأما بعض هذه فالنظر فيها يكون من أوائل سهلة، وبعضها من التى هى عسرة جدا، إذ أخذت فى جنس ما؛ وليس أن ينظر فى أن هل هذا تبكيت أو ليس بتبكيت مما يسهل. والنظر فى جميعها يكون على هذا المثال.
مخ ۱۰۰۰