سوډان
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
ژانرونه
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
تأليف
عبد الله حسين
مقدمة الجزء الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
وفقنا الله تعالى إلى إتمام الجزء الأول من كتاب «السودان - من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية». وها نحن نبدأ الجزء الثاني، وقد جعلناه شاملا لتاريخ إعادة السودان بقيادة اللورد كتشنر باشا واتفاقية السودان سنة 1899 ونظام الحكم وحالة البلاد من وجوهها الإدارية والقضائية والزراعية والصناعية والأدبية والتعليمية والهندسية وتطورها في أثناء ذلك إلى بلوغها الوقت الحاضر، وأضفنا إلى ذلك بعض البيانات التي يحتاج إليها الباحث في شؤون السودان.
لقد وقف قارئ الجزء الأول على كيف اتجهت الحكومة الإنكليزية إلى السودان فاهتمت بفتوح إسماعيل، وندبت غوردون ليكون من حكامه، ثم قررت إخلاءه من الجيش المصري، ولكن أدى هذا الإخلاء إلى تفاقم الخطر على الحدود المصرية وإلى وقوع السودان تحت نير ثورة ومجاعة وفوضى، ورأت إنكلترا أن دولا أخرى - ولا سيما فرنسا - اتجهت إلى استعمار السودان، منافسة إنكلترا في استعمار أفريقيا واحتلال مصر، فقررت إعادة فتح السودان بجيش مصري قائده إنكليزي هو اللورد كتشنر ومعه جنود إنكليزية.
وقد اطلعنا على ما كتبه عشرات المؤرخين والسياسيين الوطنيين المصريين في شأن إخلاء السودان ثم تقرير استعادته، فكانوا يقولون: إن إنكلترا أخلت السودان مقررة في الوقت ذاته أن تستعيده على الصورة التي أعيد بها؛ أي باشتراك الجنود البريطانية مع الجيش المصري وللحكم طبقا لنظام اتفاقية 1899 أو مثله.
والواقع أن إنكلترا لم تختط خطة واحدة في هذا الصدد، وإن كانت وقفت موقف المغتنم للفرص: وأحسب أنها حين قررت إخلاء السودان، قد اتجهت إلى أن تصبح مديريات السودان ممالك مستقلة، يسهل بسط الحماية البريطانية عليها؛ فيكون حكم السودان قليل النفقة. ولكن إخلاء السودان قد ترتب عليه اتحاده تحت لواء المهدي ثم خليفته، ثم نشوب الفوضى فيه، وطمع فرنسا وغيرها في الاستيلاء عليه. فرأت إنكلترا أن السبيل اليسير - ويد احتلالها قوية في مصر وسلطانها نافذ على الحكومة المصرية - أن تكون إعادة السودان باسم مصر مقرونا باشتراك إنكلترا وبقيادة أحد ضباطها، وأن تدع للحوادث أن تكمل الباقي. ويرى القارئ في الفصول الآتية كيف تطورت الحوادث، وأن عوامل كثيرة اشتركت في هذا التطور، منها ضعف الوزارات المصرية، وضعف الروح الوطنية المصرية بعد هزيمة عرابي وأسره والاتفاق الودي بين فرنسا وإنكلترا سنة 1904، حيث أطلق لإنكلترا أن تبسط نفوذها على مصر بغير اعتراض، مقابل بسط فرنسا نفوذها ثم حمايتها على مراكش، هذا إلى توزيع مناطق النفوذ في أفريقيا بين الدول الأوروبية الكبيرة.
ناپیژندل شوی مخ