سوډان
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
ژانرونه
هذا إلى أن فرنسا كانت تزاحم إنكلترا في القارة الأفريقية. (1) الأوربيون وأفريقية قبل القرن التاسع عشر
لم يكن الأوربيون يعرفون من أفريقية في قديم الزمان إلا سواحلها الشمالية، ثم بدأوا في القرن الخامس عشر يكشفون سواحلها الغربية، ثم داروا حول الرأس وساروا وسواحلها الشرقية حتى وفق فاسكو دي جاما البرتغالي إلى بلوغ الهند، وقد ألهى الأوربيين كنوز الهند وبيرو والمكسيك عن ارتياد مجاهل أفريقية «أو القارة المظلمة كما كانوا يسمونها». (2) الأوربيون وأفريقية أول القرن التاسع عشر
1
ولما وقفت رحى الحرب بين نابليون وأوربة عام 1815 كان شمالي أفريقية «مصر وطرابلس وتونس والجزائر» تابعا لتركيا تبعية فعلية أو اسمية، وكان للبرتغاليين السيادة على أصقاع على الساحل الشرقي تجاه مدغشقر، وكان للإنكليز والفرنسيين وغيرهم على الساحل الغربي محاط أو مستعمرات، وكان كل ما للإنكليز في أفريقية هو غمبيا وسيراليون وساحل الذهب على الشاطئ الشرقي ومستعمرة الرأس في الجنوب وجزائر سنت هيلانه وأسنشن وموريشس وسيشل.
وقد نبه الدول الأوربية إلى استعمار داخل أفريقية طلاب كشف أبطال مغامرون رموا بأنفسهم في مجاهل القارة؛ ليميطوا اللثام عنها، ومن أمثال هؤلاء سبيك وجرانت وبيكر ولفنجستون وستانلي، فضلا عن مصريين أمثال: الضابط المصري البحري الميرالاي سليم مطر بك قائد معسكر خط الاستواء الذي كشف النيل الأبيض. (3) الإنكليز وأفريقية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين
وقد أضاف الإنكليز خلال القرن التاسع عشر إلى مستعمراتهم السابقة ناتال والأورنج والترنسفال، «وتألف من المستعمرات الثلاث ومستعمرة الرأس اتحاد جنوبي أفريقية» وبتشوانالاند ونيسالاند وبسوتولاند وروديسيا وأفريقية الشرقية البريطانية وأوغندا ونيجيريا والصومال، ولما هزمت ألمانيا في الحرب العظمى «1914-1918» انتدبت إنكلترا لإدارة بلاد تنجانيقا «الألمانية» كما انتدبت حكومة اتحاد جنوبي أفريقية لإدارة أفريقية الجنوبية الغربية «الألمانية».
ولا يتمتع من كل هذه المستعمرات بالحكم الذاتي إلا اتحاد جنوبي أفريقية؛ لهذا نتكلم عنه ببعض التفصيل: (3-1) كيف استولى الإنكليز على مستعمرة الرأس؟
كان الهولنديون قد أنشأوا لهم مستعمرة عند رأس الرجاء الصالح لتكون محطا تتزود منه سفنهم التي تتجر مع الشرق، ويعرف المستعمرون الهولنديون بالبوير، وهي كلمة معناها الفلاحون، ولعلها أطلقت عليهم لاشتغالهم بالزراعة وإيثارهم لها على أية مهنة أخرى. ولما تدخلت فرنسا في شؤون هولندة في عهدي الثورة الفرنسية ونابليون وأخضعتها لحكمها، قامت إنكلترا عدوة نابليون وانتزعت مستعمرة الرأس من هولندة «1806»؛ لأنها قدرت قيمة تلك المستعمرة في حفظ مواصلاتها مع الهند.
وأقر مؤتمر فينا عام 1815 ضم الرأس إلى إنكلترا كفاء تعويض يعطى لهولندة وقدره ستة ملايين من الجنيهات. (3-2) النزاع بين الإنكليز والبوير
غير الإنكليز النظم الحكومية التي اعتادها البوير، كما جعلوا اللغة الإنكليزية اللغة الرسمية؛ فحنق البوير وأحسوا أنهم فقدوا حريتهم، واشتد حنقهم لما ألغت إنكلترا الرق «1834»، وكان البوير يستعينون بالأرقاء على فلح الأرض، ولم تمنح الحكومة الإنكليزية البوير إلا ثلاثة ملايين من الجنيهات تعويضا، وهذا المبلغ لا يكاد يساوي ثلث خسارتهم بهذا الإلغاء، لكل هذا فكر غالب البوير في الارتحال عن مستعمرة الرأس إلى الشمال والشمال الشرقي، حيث يستطيعون أن يعيشوا أحرارا لا يستلب حريتهم أحد، فبدأوا «الانسحاب العظيم
ناپیژندل شوی مخ