قال صاحب هذا العيد: «حبوا أعداءكم، وإذا أحببتم من يحبكم فأي فضل لكم؟» أما السواد الأعظم من البشر فلا يحبون إلا ذواتهم، وليس للغير أقل حساب في دفترهم اليومي.
كان الإخوة - الرسل - في ذلك الزمان يتقاسمون الرغيف، أما اليوم فيتنازعون عليه ويتناتشونه مع أنهم أتباع ذلك الذي قال: «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.» وقد يزهقون روحا في سبيل قرش، ولو من قروش هذا الزمان، ومع ذلك يعيدون بكل عين بلقاء، محتفلين بذكرى من قال: «لا تعبدوا ربين الله والمال.» فإذا شئنا أن نعيد الميلاد كما يجب أن يعيد، فعلينا أولا أن نطهر قلوبنا لنكون أتباع من قال: «يا بني، أعطني قلبك.» وعلينا أن نعمل حسنا لنستحق من قال: «إن من لا يعمل إرادة أبي فهو لا يستحقني.»
فعلى من يلون الأحكام أن يعدلوا؛ لأن من يحتفون بميلاده كان عادلا رحيما.
وعلى الرعية التي تحتفي بميلاد يسوع أن تحب الجار والقريب، بل الأعداء؛ لأنه هكذا علم.
وعلى المعلم منا ألا ينسى أن يسوع خوطب ب «يا معلم»، فلنحاول الاستيلاء على بعض الأمد الأخلاقي الأمثل لنتقرب من زميلنا المعلم الإلهي.
وإذا كنت يا أخي فلاحا فاحرث الأرض جيدا، وتذكر أن يسوع أحب الزهر والثمر والزرع والشجر، فكن مزهرا مثمرا لئلا تستحق اللعنة التي أنزلها على التينة.
وإذا كنت تاجرا أو عاملا، فانشد الربح الحلال والأجر المكتسب بعرق الجبين. تذكر أن صاحب العيد حث على العمل المنتج فرحب بصاحب الوزنات العشر الذي ربح ضعفها بالمتاجرة، وطرد العبد الكسلان إلى الظلمة البرانية.
عفوا! نسينا السيدات وهن المقدمات في هذا العصر، ليس الاحتفال بالميلاد هو أن تتزيني بالجواهر وتلبسي أثمن الثياب، ولكن الاحتفاء بالميلاد هو أن تقدمي لصاحب العيد ذرية صالحة من البنين والبنات، ولا تنسي أن يسوع الذي تصلين له قارعة صدرك قد قال: «دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم.»
وأما قادة العالم اليوم فأحسن احتفال بذكرى السيد الذي يعظمون يكون في أن يضعوا تحت قدميه قنابلهم الذرية قائلين له: قل يا سيد ماذا نصنع؟
وإذ ذاك يجلجل صوت في الأعالي ويهتف بهم: «ملعون كل من يهدم هيكلا بشريا بغير حق، طوبى للرحماء فإنهم يرحمون! لا تقاوموا الشر بالشر، ومن طلب ثوبك فاترك له رداءك.»
ناپیژندل شوی مخ