فكظم ابن العاص غيظه وقال: على الخبير سقطت، أمي النابغة بنت حرملة بن عزة سبتها رماح العرب فبيعت، فاشتراها عبد الله بن جدعان وزوجها للعاص بن وائل فولدت وأنجبت، فإن كان قد جعل لك جعل فارجع وخذه.
أما معاوية فأشهر من عرف بالعفو حتى ضرب به المثل وقالوا: حلم معاوية. وحوادث عفوه وحلمه تكاد لا تحصى، وما نذكر هنا إلا كبيرة تدل على سعة صدره وبعد نظره وكيفية حله للمشاكل الخطيرة.
قالوا: كان لعبد الله بن الزبير أرض، وكان له عبيد يعملون فيها، وكان إلى جانبها أرض لمعاوية وفيها أيضا عبيد يعملون فيها، فدخل عبيد معاوية في أرض ابن الزبير، فكتب هذا إلى معاوية يقول: أما بعد، يا معاوية، إن عبيدك قد دخلوا في أرضي فانههم عن ذلك وإلا كان لي ولك شأن. والسلام.
أسمعت هذه الرسالة الجافة؟ إنها تهديد للخليفة وإنذار بقتال! ولكن ابن حرب الذي حمل أثقال الدولة قبل وبعد لم تهجه هذه الرسالة، بل قرأها ودفعها إلى ابنه يزيد، حتى إذا ما قرأها قال له معاوية: يا بني، ما ترى؟
قال يزيد: أرى أن تبعث إليه جيشا يكون أوله عنده وآخره عندك، يأتونك برأسه، فأجاب معاوية: بل غير ذلك خير منه، ثم أخذ ورقة وكتب فيها جواب كتاب عبد الله بن الزبير يقول فيه:
أما بعد، فقد وقفت على كتاب ولد حواري رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وساءني ما ساءه، والدنيا بأسرها عندي هينة في جنب رضاه، نزلت عن أرضي لك فأضفها إلى أرضك بما فيها من العبيد والأموال. والسلام.
فلما قرأ ابن الزبير هذا الكتاب كتب إليه:
قد وقفت على كتاب أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، ولا أعدمه الله الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل! والسلام .
ناپیژندل شوی مخ