317

صبح الاعشی په صناعت انشاء کې

صبح الأعشى في صناعة الانشاء

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د خپرونکي ځای

بيروت

بها اللئيم. وقد ذكر عن الشافعيّ ﵁ أو غيره من بعض الأئمة الأربعة:
أنه كان يحفظ ديوان هذيل؛ وأمّا قول الشافعيّ ﵁:
ولولا الشّعر بالعلماء يزري ... لكنت اليوم أشعر من لبيد
فانه يريد من صرف همته إلى الشعر، بحيث صار شأنه وديدنه، وهو المعنيّ بقوله ﵌ «لأن يملأ أحدكم جوفه قيحا خير من أن يملأه شعرا» أي أراد صرف همته إليه حتى يملأ جوفه منه. وقد قال ﵌ «إنّ من الشّعر لحكمة» . وكان عمر ﵁ يسمع البيت يعجبه فيكرره مرات كما ذكره الجاحظ وغيره. وقد ذكر أبو البركات بن الأنباري «١» في كتاب «طبقات الأدباء» في ترجمة أبي جعفر أحمد بن إسحاق البهلول بن حسان الأنباري:
أنه كان فقيها، عالما، واسع الأدب وتقلد القضاء لعدة من الخلفاء. ثم حكى عن ولده أبي طالب أنه قال كنت مع والدي في جنازة بعض أهل بغداد من وجوه الناس وإلى جانبه أبو جعفر الطبري «٢»، فأخذ أبي يعظ صاحب المصيبة ويسلّيه، وينشده أشعارا، ويروي له أخبارا، فداخله الطبريّ في ذلك، ثم اتسع الأمر بينهما في المذاكرة، وخرجا إلى فنون كثيرة من الأدب والعلم استحسنها الحاضرون وأعجبوا بها، وتعالى النهار وافترقنا، فقال لي أبي يا بنيّ من هذا الشيخ الذي داخلنا في المذاكرة؟ فقلت: يا سيدي كأنك لم تعرفه، فقال لا، فقلت: هذا أبو جعفر الطبريّ، فقال إنا لله! ما أحسنت عشرتي معه؛ فقلت كيف يا سيدي؟ قال: ألا نبّهتني في الحال، فكنت أذاكره بغير تلك المذاكرة؟ هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع في صنوف العلوم، ما ذاكرته بحسبها؛ ومضت على ذلك مدة فحضرنا في حقّ «٣» آخر وجلسنا، وإذا

1 / 320