بذلك فحسبُ، بل إنَّ ثراءَ جدِّه مكَّنه من التَّفرُّغِ لطلب العلم صغيرًا والانقطاع له.
فكتب بخطِّه في سنة ثلاثٍ وثلاثين وثلاث مئة عن أبي بكر الصبغي، وهو لمَّا يتجاوزِ الثامنةَ من عمره، وابتدأَ بالتصنيف سنة نيف وخمسين وثلاث مئة، وهو في منتصف عِقْدِه الثالث.
ورحل في طلب الحديثِ والعلم إلى بُلدانٍ كثيرة، قال الذهبيُّ: «كتب الحديثَ بمَرْوَ ونَيْسابورَ والعراقِ والحِجاز» (١) .
مكانتُه وكلامُ العلماء فيه:
كان السُّلميُّ جليلَ القَدْر عند أهل بلدِه، عظيمَ المنزلة في طائفتِه، جمع شيوخًا وكتبًا. وكان صاحبَ حديثٍ مُجوِّدًا، وله عنايةٌ خاصَّةٌ بالصوفيَّة وأخبارهم، صنَّف لهم كتبًا في السنن والتفسير والتاريخ (٢) .
قال الذهبيُّ: «قال الخشَّاب (٣): كان مَرْضيًّا عند الخاصِّ والعام، والمُوافِق والمُخالِف، والسُّلطان والرَّعِيَّة، في بلده وفي سائِر بلاد المسلمين، ومضى إلى الله كذلك، وحَبَّب تصانيفَه إلى الناس، وبيعَتْ بأغلى الأثمان، وقد بعْتُ يومًا من ذلك على رَداءة خطِّي بعشرين دينارًا؛ وكان في الأحياء» (٤) .
_________
(١) "تذكرة الحفاظ" (٣/١٠٤٦) .
(٢) "تاريخ بغداد" (٢/٢٤٨) .
(٣) هو: محمد بن علي أبو سعيد الخشَّاب، وقد أفرد للسُّلمي ترجمةً في جزء. انظر "السير" (١٧/٢٤٧) .
(٤) "السير" (١٧/٢٤٨) .
1 / 35