بالكرام فلاح.
توقير أمهات المؤمنين
أوجب الله تعالى تعظيم الفاضل في الدُّنيا على المفضول إنسانًا كان أو جمادًا، مثل تفضيل النَّبيِّ ﷺ على سائر النّبيّين، وتفضيل المسجد الحرام على غيره من المساجد، وتفضيل سائر الصّحابة ﵃ على سائر التّابعين ... فإذا تقرّر ذلك، فإنّا لا نرى أَوْجَبَ بعد تعظيم النَّبيِّ ﷺ من تعظيم زوجاته أمّهات المؤمنين، فلا أحد يستحقّ التَّعظيم بعد النَّبيِّ ﷺ أكثر منهنّ بدليل قوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ... (٦)﴾ [الأحزاب] فأوجب الله لهنّ حقّ الأمومة على كلّ مؤمن، ولا يخفى ما للأمِّ من عظيم حقّ، فكيف بها إذا كانت أمًّا للمؤمنين، وزوجة لسيِّد المرسلين، وخاتم النّبيّين!
وفضلًا عن ذلك أمّهات المؤمنين لهنّ من القرب من النَّبيِّ ﷺ في الدّنيا والآخرة ما يشهد لذلك، فقد اخترن الله ورسوله والدَّار الآخرة: ﴿وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)﴾ [الأحزاب] فلهنّ أرفع الدّرجات عند الله ورسوله وعند المؤمنين، وهنّ أزواجه في الآخرة يقينًا.
ولم يحلّ الله تعالى لأحد أن يتزوَّجَ من نساء الرّسول ﷺ من بعده، قال تعالى ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (٥٣)﴾ [الأحزاب] فنساء الرّسول ﷺ لَسْنَ كأحد من النّساء ! قال تعالى: ﴿يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ... (٣٢)﴾ [الأحزاب].
أمّا مَنْ يحتجُّ بقول النَّبيِّ ﷺ: " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ " (^١) ويعتقد أنّه أكمل عقلًا ودينًا من أمَّهات المؤمنين، فهذه دعوى،