المبحث الثّاني
" أمّتكم هذه جعل عافيتها في أوّلها "
﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ... (٢٢)﴾ [المجادلة]
رضيهم الله لدينه، أفلا نرضاهم لدنيانا؟!
في كتاب الإيمان باب بعنوان (علامة الإيمان حبّ الأنصار) أورد فيه البخاري حديثًا عن عبد الله بن جابر قال: سمعت أنسًا ﵁ عن النَّبيِّ ﷺ قال: " آية الإيمان حبّ الأنصار وآية النفاق بُغْضُ الأنصار " (^١).
قلت: وإن كان المراد في الحديث الشّريف الصّحابة من أهل المدينة، إلاّ أنّ الصّحابة كلّهم أنصار لله ورسوله ﷺ؛ فالمهاجرون كانوا أنصارًا لله ورسوله، قال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨)﴾ [الحشر].
وعقيدتنا أنّهم عدول لا نفرق بين أحد منهم، بل نتبعهم بإحسان؛ لننال رضا الله، فهذا واجب كلّ مسلم ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ... (١٠٠)﴾ [التوبة].
وقد أوجب الله علينا الدُّعاءَ والاستغفار لهم، وألاّ يكون في قلوبنا غِلٌّ على أحد منهم، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)﴾ [الحشر].