119

Stopping the Temptation: A Critical Study of the Instigators' Suspicions and the Trials of Jamal and Siffin According to the Methodology of the Muhaddithin

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

خپرندوی

دار عمار للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

د خپرونکي ځای

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

ژانرونه

ظاهره ولكنّه في الحقيقة لا يقصد به الدّعاء، وإنّما هو من الكلام الجاري على أَلْسُنِ العرب يقولونه، وهم لا يريدون الدّعاء على المخاطب، ونظير ذلك، قولهم: قاتلك الله! وويلك! وويحك! ولا أب لك! وثكلتك أمّك! ولا أمّ لك! وتربت يداك! ونحو ذلك من الألفاظ الّتي ظاهرها الذّم والدّعاء، وباطنها المدح والثّناء. فخاف ﷺ أن يصادف الدّعاء إجابة؛ فسأل الله أن يجعل دعاءه رحمةً وقربةً وطهورًا وأجرًا. واستدلّوا على ذلك بدعاء النَّبيِّ ﷺ على يتيمة أمّ سُلَيْم وهي أمّ أنس فقد رآها ﷺ فقال: " آنتِ هِيَهْ (^١)؟ لقَدْ كبِرْتِ، لا كَبِرَ سنُّك " (^٢). ثمّ أعقب مسلم هذا الحديث بحديث فيه دعاء على معاوية ﵁، وهو قوله ﷺ: " لا أَشْبَعَ الله بطنه " (^٣) وقد خَتَمَ به الباب دلالة على أنّهما بمعنى واحد، فكما أنّ الدّعاء على اليتيمة لها زكاة وقربى، فكذلك معاوية ﵁ إذ ليس المقصود الدّعاء عليه، وإنّما الدّعاء له. قال النّوويّ: " وقد فَهِمَ مسلم ﵀ من هذا الحديث أنّ معاوية لم يكن مستحقّا للدعاء عليه، فلهذا أدخله في هذا الباب، وجعله غيره من مناقب معاوية، لأنّه في الحقيقة يصير دعاء له " (^٤). ويعضِّده قوله ﷺ لأمّ المؤمنين صفيّة ﵂: " عَقْرَى حَلْقَى " (^٥) والمعنى الظّاهر: عَقَرَ الله جسَدَها وأصابها بوجع في حلقها، والمعنى المراد الدّعاء لها لا عليها، قلت: وهو أشبه بالتّورية (^٦) من جهة إرادة المعنى الآخر.

(^١) الهاء هاء السّكت. (^٢) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٨/ج ١٦/ص ١٥٤) كتاب البّر والصّلة. (^٣) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٨/ج ١٦/ص ١٥٦) كتاب البرّ والصّلة. (^٤) المرجع السَّابق. (^٥) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٤/ج ٨/ص ١٥٣) كتاب الحجّ. (^٦) التّورية: هي الكلمة تحتمل معنيين فيستعمل المتكلّم أحد احتماليها ويهمل الآخر، ومراده ما أهمله لا ما استعمله.

1 / 120