288

Statements of Al-Tahawi in Interpretation: Al-Fatiha - Al-Tawbah

أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة

ژانرونه

ولقد اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية بناء على المعاني التي تأتي لها: (الواو) العاطفة، فإليك بيان هذه المعاني، والمراد بالآية على كل منها:-
- القول الأول: أن (الواو) تفيد معنى الجمع، فاستوى حكم التقديم والتأخير.
كما في قوله جل وعلا: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ﴾ [العنكبوت:١٥].
وكما في قولك: (رأيت أحمدًا وعليًا) فيجوز أن تقول ذلك، وإن كنت رأيت عليًا قبل أحمد.
وكما في قول الشاعر:
ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السلام. (^١)
أي: عليك السلام ورحمة الله. (^٢)
وعليه فالمراد بالآية أحد الأقوال التالية:
١ - أن معنى قوله تعالى: ﴿وَاسْجُدِي وَارْكَعِي﴾ [آل عمران:٤٣]، أي: استعملي السجود في وقته اللائق به، والركوع في وقته اللائق به، فكأنه حث لها على فعل الخير.
وليس المراد أن تجمع بين السجود والركوع في ركعة واحدة. ثم تقدم السجود على الركوع. (^٣)
٢ - أن معنى قوله تعالى: ﴿وَاسْجُدِي وَارْكَعِي﴾ [آل عمران:٤٣]، أي: اخشعي واخضعي شكرًا لله تعالى على ما أنعم به عليك، فالمراد مطلق الخضوع والانقياد والطاعة والعبودية لله تعالى. وليس المراد: السجود والركوع الذي يكون في الصلاة. (^٤)
- القول الثاني: أن (الواو) تفيد عكس الترتيب.
وعليه فإن في الآية تقديم وتأخير.
وهذا يرد كثيرًا في كلام العرب وفي كتاب الله، كما في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آل عمران:٥٥].
فالمعنى: (إني رافعك إلي، ومتوفيك في آخر أمرك بعد نزولك في آخر الزمان). (^٥)
وعليه فإن المراد بقوله تعالى: ﴿وَاسْجُدِي وَارْكَعِي﴾ [آل عمران:٤٣] أي: واركعي واسجدي.

(^١) البيت للأحوص الأنصاري - وهو في ديوانه (١٩٠).
(^٢) تفسير السمعاني (١/ ٣١٨).
(^٣) تفسير الرازي (٨/ ٤٤).
(^٤) تفسير الطبري (٣/ ٢٦٥).
(^٥) تفسير ابن الجوزي (١/ ٣٣٠).

1 / 288