Smash Your Idol and Be Small in Your Eyes
حطم صنمك وكن عند نفسك صغيرا
خپرندوی
مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة
ژانرونه
ومن أراد أن يدرك مدى حب النفس للرئاسة وتلذذها بها، فلينظر إلى حاله عندما يطلب منه ترك موقعه أو المسئولية المناطة به والعودة للخلف .. ليتخيل حجم الغصة والمرارة التي يعاني منها في مثل هذا الموقف، تمامًا كحال الرضيع الذي يستلذ بالرضاعة، ويغتم بالفطام، كما قال ﷺ: " إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة. فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة " (١).
خطورة مدح النفس:
فإن كانت للرئاسة لها هذه المخاطر، فتزكية المرء لنفسه وتقديمها أمام الآخرين للقيام بعمل ما، لها أيضًا مخاطر عظيمة، ولم لا وفيها نوع من أنواع الوثوق بالنفس والاعتماد عليها، وهذا منهي عنه - كما مر علينا -، فثقة المرء المحمودة بنفسه مبعثها ثقته بما حباه الله من إمكانات تتوقف فاعليتها على المدد الإلهي المتواصل ... معنى ذلك أنه لا يستطيع أن يدعي أن له قدرات ذاتية تستطيع فعل الشيء الذي يريده في الوقت الذي يريده، فالأمر ليس بيده، بل بيد الله ﷿ ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: ٢٣، ٢٤].
فهل مع أحدنا تفويض من الله ﷿ بأنه يستطيع فعل ما يقدم نفسه له؟! ﴿أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ﴾ [القلم: ٣٩].
ومن مخاطر تقديم النفس أنها تعكس استعظام صاحبها لها، ورؤيتها بعين الاستعلاء والأفضلية على غيرها، مما يعرض صاحبها لمقت الله، وحرمان التوفيق في هذا العمل الذي أراد القيام به.
يوسف ﵇ وطلبه المسئولية:
فإن قلت: ولكن يوسف ﵇ طلب المسئولية لنفسه .. فكيف يمكن التوفيق بين النهي عن تزكية النفس وما فعله يوسف ﵇ بقوله: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف:٥٥].
(١) صحيح البخاري (٦/ ٢٦١٣، رقم ٦٧٢٩).
1 / 206