الفصل الثالث عشر في إرسال الجواسيس وتسخيرهم لصلاح المملكة والرعية
يجب بث العيون في كل الأطراف دائما في زي تجار وسياح ومتصوفة وبائعي أدوية ودراويش لنقل كل ما يسمعون من أخبار حتى لا يظل ثمة شيء خافيا وحتى يمكن تلافي أي طارىء جديد في حينه فما أكثر ما كان الولاة والمستقطعون والعمال والأمراء يضمرون للملك خلافا وعصيانا ويتربصون به الدوائر سرا لكن الجواسيس كانوا يكتشفون ذلك ويخبرون الملك به فيركب من وقته وينقض عليهم بغتة فيحيق بهم ويحبط ماربهم ومقاصدهم وكانوا إذا ما عرفوا بان ملكا ما أو جيشا أجنبيا ينوي الهجوم على المملكة يخبرون الملك فيأخذ للأمر أهبته ويدفعه وكانوا ينهون أخبار الرعية خيرها وشرها فيتعهدها الملوك بدورهم مثلما كان يفعل عضد الدولة
عضد الدولة والقاضي الخائن
لم يكن من بين ملوك الديالمة من هو أعظم وأكثر يقظة وأبعد نظرا من عضد الدولة إذ كان سياسيا عالي الهمة محبا للإصلاح والعمران كتب إليه احد عيونه يوما ما ان ابتعدت مائتي خطوة عن مدخل المدينة في طريقي إلى المهمة التي بعثت من أجلها فإذا شاب أصفر اللون على وجهه وعنقه اثار جروح يقف على حافة الطريق لما راني حياني فرددت عليه تحيته وسألته لماذا أنت واقف قال أنشد رفيقا أصحبه إلى مدينة فيها ملك عادل وقاض منصف فقلت له أتعي ما تقول أتنشد ملكا أعدل من عضد الدولة وقاضيا أعلم من قاضي مدينتنا قال لو كان الملك عادلا يقظا لكان القاضي أمينا فلقد أدركت غفلة الملك من خيانه القاضي قلت ما بدا لك من غفلة الملك وانحراف القاضي قال إن قصتي طويلة لكنها قصرت برحيلي عن هذه المدينة قلت بإمكانك أن تطلعني عليها طبعا قال هيا بنا نقطع بالحديث طريقنا
مخ ۱۱۱