وفي حين أن عهود بعض الخلفاء ممن رزقوا بسطة في الملك والسلطان لم تخل في أي وقت من قلق وتخوف من خروج الخارجين والمنشقين فليس في هذا العهد المبارك من أحد سولت له نفسه بعصيان وتمرد أو شق عصا الطاعة أدام الله هذه الدولة إلى يوم الدين وجنبها حسد الحساد ليقضي الناس عمرهم في ظل عدل السلطان وحكمه داعين له بالخير
تمشيا مع حال الدولة التي أسلفنا فقد كان لها من العلوم والرسوم والآداب الحميدة ما يناسبها وبما أن العلم كالشمعة تنبثق منه الأنوار من كل جانب فقد خرج الناس بنور العلم من الظلمات إلى النور ولم يحتج السلطان إلى أي مشير أو دليل لكنه فكر وقدر وأراد أن يمتحن الناس ويعرف ما هم فيه من عقل وعلم
ولما كان السلطان أمرني بتقييد بعض الخلال الحميدة التي لا غنى للملوك عنها وكل ما كان عليهم القيام به ولم ينجزوه وما هو مقبول وغير مقبول فقد قمت امتثالا بالأمر الأعلى بجمع كل ما رأيته وسمعته وعرفته وقرأته ثم كتبت هذه الفصول التي يضم كل منها ما يناسبه بإيجاز وعبارة واضحة
مخ ۴۷