وصبر الرجل شهرين اخرين دون أن يرى للذهب أثرا وعاود الكرة فذهب إلى قصر الأمير وكتب إليه رسالة أخرى وكلمه تكليما أيضا فواعده الأمير مرات كذبا وظل الرجل يذهب مرة كل يومين أو ثلاثة مطالبا ولكن دون جدوى إلى أن مضى على الأجل ثمانية أشهر
وأعوز الرجل فشفع أهل المدينة ومضى إلى القاضي وناشده باسم الشرع ولم يبق أحد من العظماء إلا وكلم الأمير في أمره وتشفع له عنده لكن دون جدوى أيضا وانقضت سنة ونصف وهو لا يطيع أوامر القضاء والشرع ولا يستمع لما كان يقول وجهاء المدينة وأكابرها
وعجز الرجل ورضي بالتنازل عن الفائدة وعن مائة دينار من أصل المبلغ أيضا ولكن لا حياة لمن تنادي وفقد الأمل في وساطة كل العظماء وأعياه التردد هنا وهناك وأسلم أمره لله عز وجل ومضى إلى مسجد فضلومند وصلى عدة ركعات وشكا أمره إلى الله تعالى في بكاء ونشيج وهو يقول يا رب أنت المغيث فأوصلني إلى حقي وأنصفني من هذا الظالم واتفق أن كان في المسجد درويش يسمع بكاء الرجل وتضرعه فرق له قلبه ولما انتهى من تضرعه قال الدرويش له يا شيخ ما الذي دهاك حتى تتأوه بهذا الشكل أخبرني فقال لقد وصلت بي الحال حدا لا يفيد معه القول إلى أي مخلوق إلا أن يستجيب الله تعالى لي فقال الدرويش قل لي فلا بد أن تكون ثمة أسباب فقال الرجل يا أيها الدرويش إن الخليفة هو الوحيد الذي لم أخبره بالأمر لقد أخبرت كل أمراء المدينة وعظمائها وولجت باب القاضي لكن دون جدوى فما الفائدة من أن أقول لك قال انني ممن يقال لهم ان لم يفدك قولك لي فإنه لن يضرك ألم تسمع قول الحكماء علي كل ذي ألم أن يبوح للاخرين بألمه فلربما وجد العلاج عند أقلهم شأنا ان تقص علي أمرك فقد تجد له مخرجا وإلا فلن تصير حالك إلى أسوأ مما هي عليه فقال الرجل في نفسه صحيح ما يقول وقص عليه قصته
لما سمع الدرويش قصة حال الرجل قال أيها الرجل الشهم لقد وجدت مخرجا لما أنت فيه من بلاء ما إن قلت لي ليطمئن قلبك ان تنفذ ما أقوله تسترد ذهبك اليوم قال الرجل ما أفعل قال الدرويش إمض الان إلى المسجد ذي المئذنة
مخ ۸۸