وقائد جيشها وكان الرجل على ما كان له من جلال وعظمة فاضلا جدا ولما جلس أبو علي الدقاق على ركبتيه أمامه قال أبو علي الياس عظني فقال الدقاق أيها الأمير أتجيبني بصدق إن سألتك أمرا قال بلى فقال الدقاق أيهما أحب إليك الذهب أم الخصم فقال الذهب فقال الدقاق كيف إذن تخلف كل هذا الذي تحب أكثر هنا وتصحب الخصم الذي لا تحب إلى الدار الاخره فترقرقت الدموع في عيني أبي علي الياس وقال ما أجمل ما نصحتني به فلقد أيقظتني من سباتي إن لفي كلامك لي خير الدنيا والاخرة
نصيحة شمس الكفاة للسلطان محمود
يحكى أن السلطان محمودا الغازي لم يكن وسيم الصورة بل كان طويل الوجه جافه أصفر السحنة أملس طويل العنق كبير الأنف لما مات والده سبكتكين نولى الملك بعده وخلص الهند وفي صباح ذات يوم بينما كان يؤدي الصلاة في حجرة خاصة وأمامه مراة ومشط ويقف حوله اثنان من خواص غلمانه دخل وزيره شمس الكفاة أحمد بن الحسن فسلم فأوما محمود إليه برأسه أن اجلس فجلس قبالة السلطان
ولما فرغ محمود من قراءة الأدعية ارتدى قباءه ولبس عمامته وانتعل حذاءه ونظر في المراة فلما رأى وجهه ابتسم وقال للوزير أتدري ما يدور ببالي هذه الأيام قال مولاي أدرى فقال محمود أخشى إلا يحبني الناس لدمامتي فقد اعتادوا أن يحبوا السلطان الوسيم قال الوزير مولاي السلطان إفعل ما سيحبك الناس من أجله أكثر من نسائهم وأبنائهم وانفسهم التي سيلقون بها في الماء والنار تلبية لك فقال السلطان ماذا أفعل قال الوزير اتخذ الذهب عدوا يحبك الناس فسر محمود وقال في طيات هذا القول ألف معنى وفائدة
وشرع محمود في بذل العطايا وفتح باب الخيرات فأحبه الناس وأخذوا في مدحه والثناء عليه وعلى يديه تمت الأعمال الجليلة والفتوحات العظيمة فلقد دخل
مخ ۸۴