فإن وُجِدت منه رائحة الخمر، أو رُئي وهو يتقيَّؤها ونحو ذلك؛ فقد قيل: لا يقام عليه الحد؛ لاحتمال أنه شرب ما ليس بخمرٍ، أو شربها جاهلًا بها أو مكرهًا ونحو ذلك. وقيل: بل يُجلد (^١) إذا عَرَف أن ذلك مسكر. وهذا المأثور (^٢) عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة، كعثمان وعلي وابن مسعود ﵃، وعليه تدل سنة رسول الله ﷺ، وهو الذي يصلح عليه الناس، وهو مذهب مالك وأحمد في غالب نصيهما (^٣) وغيرهما (^٤).
والحشيشة المصنوعة من ورق القِنَّب (^٥) حرام، يُجلَد صاحبُها (^٦) كما يُجلَد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجل تخَنُّث ودِياثة وغير ذلك من المفاسد (^٧). والخمر أخبث من جهة أنها تفضي إلى المخاصمة والمقاتلة، وكلاهما تصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
وقد توقف بعض الفقهاء المتأخرين في حدِّها، ورأى أنَّ آكلها يعزَّر بما
(^١) (ي): «يحد».
(^٢) (ل): تحتمل: «المشهور». (ف): «هو المأثور».
(^٣) بقية النسخ: «نصوصه».
(^٤) انظر «المغني»: (١٢/ ٥٠١ - ٥٠٢)، و«الذخيرة»: (١٢/ ٢٠٣ - ٢٠٤) للقرافي.
(^٥) (ي، ز، ظ، ط، ل): «العنب». والمثبت من الأصل و(ب). والقِنَّب: بكسر القاف وضمها فالتشديد مع الفتح: ضَرْبٌ من الكَتّان وهو الغليظ الذي تُتَّخَذُ منه الحِبَالُ وما أشبهَها. وفي «المصباح» (ص ١٩٧): «القنّب: يُؤخذ لِحاه ثمَّ يُفْتَلُ حِبالًا وله لُب يُسَمَّى الشَّهدانِج. وانظر «اللسان»: (١/ ٦٩١).
(^٦) (ظ، ب): «آكلها».
(^٧) بقية النسخ: «الفساد».