عربي خلقي قصې او ملحمې
السير والملاحم الشعبية العربية
ژانرونه
ولأمر ما تبدأ السير حوادثها بالكلام عن الملك اليمني التبعي ذي يزن، الذي ذاع صيته، واشتهر أمره، ودانت له بلاد العرب الجنوبية، واتخذ له وزيرا حكيما عاقلا تصفه السيرة بأنه لا نظير له في مشرق الأرض ولا في مغربها، وكان اسمه «يثرب»، وكان ملما بكثير من الكتب القديمة والملاحم العظيمة بما فيها التوراة، والإنجيل، وصحف إبراهيم الخليل، وقد علم «يثرب» من تلك الكتب أن نبيا اسمه محمد سيظهر الإسلام ويبطل سائر الأديان السائدة، ومن ثم تأخذ السيرة في عرض العلاقات بين جنوب الجزيرة وشمالها منذ أقدم العصور.
فالصراع بين العرب الساميين الغازين بقيادة الملك سيف وبين الأفريقيين السود الحاميين هو جوهر هذه السيرة الكبرى.
كما تذكر شامة بنت الملك الأفريقي أفراح:
عسى الصفو يهدي إلى نسل حام
ينالون عزا بقدر مهاب
عسى بطشة الدهر في نسل سام
يصيرون في الناس مثل الكلاب
فالحرب الطاحنة التي قامت بين الساميين من ناحية وبين الحاميين من ناحية أخرى، أعني: بين العرب الحبش والسودان؛ تؤكده المصادر التاريخية، من إسلامية أو غير إسلامية، تحدثنا عن كثير من هذه الحروب التي اتخذت أشكالا مختلفة، فهي طورا دينية، وطورا استعمارية، وطورا تقتصر على الساميين والحاميين، وطورا تتعدى العنصرين إلى الزنوج والأوروبيين، وإن كانت السيرة حريصة الحرص كله على ألا تتعرض للنوع الأخير؛ لعدم اتصاله بالعصر الذي يميل إلى تصويره لنا، أعني: العصر الجاهلي.
فالسيرة في حديثها عن هذه الحروب، تستطرد في عرض الحياة وأعمال البطولة، وهي صادقة في هذا العرض، فسيف بن ذي يزن الذي ولد لأبيه في أفريقيا، والذي تربى في الفلاة، والذي أتى في صباه بأعمال كثيرة تدل على بطولته وشجاعته، كشخصية تاريخية ماثلة محققة، فهو الأمير اليمني الذي قاد الجيوش العربية الجنوبية وطرد الجيش من بلاده بمساعدة الفرس عام 570م وقد تحدث ابن هشام عنه وذكر لنا الكثير من الأشعار التي تنسب إليه أو قيلت فيه، ولم تقف شهرة هذا القائد العظيم عند هذا بل نراه جدا للأسرة الحاكمة في «بورنو» وبطلا من أبطال ملاحم سكانها.
ولكن بينما نجد راوي السيرة يختار سيف بن ذي يزن قائدا للساميين؛ إذ به يسند زعامة الحاميين إلى ملك حبشي يدعى «سيف أرعد» مع ملاحظة امتداد الحروب والصراع بينهما رغم أن كليهما تلحقه اللعنة، أسود اللون، وعلى هذا النحو لا تقتصر أيضا تركيبة هذه السيرة الكبرى عليها لذاتها، بل هي تمتد مشتملة أيضا على شخصية بطلها المحوري ذاته، الملك سيف، كيف أنه جاء إلى الوجود على غير لون بني جلدته الساميين، ليحارب الحاميين، وهو الذي ولد بأفريقيا وتربى بها، برياف الفلاة ... كأنكيدو، إلى أن عاد إلى أصله العربي وموطنه ليعاود بدء حروبه ومخاطراته منطلقا من الجنوب العربي؛ حيث فيه وفي خصاله تبدت خصائص وسمات بقية الأبطال المحوريين الملحميين العرب، حسان اليماني، عنترة، أبو زيد الهلالي، دياب بن غانم، وبقية الشخصيات الملحمية.
ناپیژندل شوی مخ