عربي خلقي قصې او ملحمې
السير والملاحم الشعبية العربية
ژانرونه
وتشير هذه السيرة التي توغل في إغراقها في المأثورات الغيبية والخرافية، من ضرب للرمل واستشارة وأحلام وهواجس أبطالها - خاصة الجازية.
إلا أن كابوس وطفاء ابنة دياب تحقق هذه المرة بانكسار فرسان الهلالية أمام الدبيسي الذي أسر الكثير من قادتهم وأمرائهم ، منهم الأمير عقيل أخو أبي زيد الهلالي، والأمير زيدان، الملقب بشيخ الشباب، إلى أن جاء المنقذ، وهو أبو زيد الهلالي وألاعيبه وأحابيله الكاشفة عن مدى ذكائه وقدراته الفائقة في اجتياز المآزق وتحقيق غاياته في النصر على أعدائه.
فما أن أسر الملك الدبيسي أمراء بني هلال حتى هاجت النساء والرجال واستعظموا تلك الأحوال وذهب منهم جماعة من الأعيان إلى أبي زيد فارس الفرسان، فوقعوا عليه وفوضوا إليه، وطلبوا منه أن يسعى لتخليص الفرسان والأبطال من الأسر.
ثم إنه غير زيه، وتنكر، ولبس حلة من الحرير الأخضر، ووضع طيلسانا على رأسه حتى لم يعد يعرفه أحد، وقصد الملك الدبيسي وحادثه باللغة الفارسية، فلما رآه الدبيسي على تلك الصفة ظن بأنه من دراويش الأعجام، فاحترمه وقال له: من أين أتيت يا ابن الأجواد؟ قال: من مدينة بغداد، وإني من فقراء عبد القادر رب الفضائل والمآثر. فقال: ادعو لنا يا درويش الأعجام بالنجاح والانتصار وأن الله يرزقنا بأبي زيد الخادع الماكر حتى نقتله على رءوس الأشهاد ونبلغ منه سرور الفؤاد؛ وهو الذي كان السبب في قدوم بني هلال إلى هذه المنازل والأطلال، فإذا أجاب الله طلبك بلغناك أربك.
فتعجب أبو زيد من هذا الكلام وقال له: بلغك المراد، وما دام كذلك أريد منك أن تأمر لي بالذهاب إلى البلد، فسمح له بالذهاب وأمر الجاب أن يفتحوا له الأبواب، وعند دخوله إلى البلد قصد باب الحديد وهو المكان الذي كانت مسجونة فيه فرسان بني هلال ووجد هناك جماعة العبيد وهم يطوفون تحت جنح الظلام فسلم عليهم فردوا السلام وقالوا: من تكون من الأيلم، فقال قد أرسلني الدبيسي بن مزيد لأدعو له في جامع عبد الصمد بأن الله يبلغه المراد وينتصر على أبي زيد من الأوغاد، وأنتم من تكونوا من الناس؟ فقالوا: إننا من جملة الحراس، وقد أمر الملك أن نحافظ على أسرى بني هلال خوفا من أبي زيد لئلا يأتي إليهم بالمكر والاحتيال.
ثم إن أبا زيد بعد هذا الحديث أخرج من جيبه شمعة مبنجة ، فأضاءها عند فرك مناخيره، فلما اشتعلت فاحت منها رائحة البنج ، فلما اشتعلت فاح منها رائحة زكية، ولم تكن إلا برهة يسيرة حتى وقعت الحراس كالأموات من ذلك البنج، وبعد ذلك أخرج حجر المغناطيس ووضعه على الأقفال، فتساقطت في الحال، فرأى فرسان بني هلال في القيود والأغلال وهم يقاسون الأهوال، فأعلمهم الأمر وفكهم من الأسر، ثم أعطاهم أسلحة الجماعة وقال لهم اتبعوني بعد ساعة حتى أكون فتحت لكم أبواب المدينة، فتخرجوا بالراحة والأمان، ثم صار حتى وصلوا إلى الباب، فوجد الحراس جالسين وفي أيديهم السيوف والحراب، فردوا عليه السلام، وقاموا على الأقدام وأجلسوه بجانبهم وجعلوه يخاطبهم ويخاطبوه. وكان كثيرا يمد يديه إلى جرابه ويأخذ قطعة من السكر ويأكلها أمامهم، فقالوا ما هذا الذي تأكله يا شلبي؟ قال: هذا هو ملبس حلبي. فقالوا: أطعمنا ونحن ندعو لك بالتوفيق والخير، فأعطاهم قبضة كبيرة وكانت مبنجة، فأكلوها فما استقرت في بطونهم حتى سقطوا أو ناموا، والأسرى قد خرجوا ومدوا في قطع البراري والبطاح، فوصلوا لأهلهم عند الصباح، فقامت الأفراح وكثر الصياح واشتدت ظهور الأبطال وشكروا أبا زيد على تلك الأفعال، رأوا الحراس راقدين والأسرى غير موجودين. ولما بلغ الدبيسي هذا الخبر طار من عينيه الشرر وتأكد عنده بعد التحقيق والتفتيش أن البلا من الدراويش وما هو إلا أبو زيد صاحب المكر والكيد.
ودارت الدائرة، واستمر القتال على هذا المنوال حتى كثرت الاهوال على بني هلال، فلم يعد لهم ثبات، فتأخروا إلى الوراء، فتفرقوا إلى جانب الصحراء وقد قتل من الفريقين في ذلك نحو عشرين ألف بطل كرار، ولما أظلم الظلام اجتمعت بنو هلال في الخيام في حالة الذر والانكسار مما أصابهم وعقدوا ديوانا مع الأمير حسن، وطلبوا منه أن يمدهم برأيه، فأخذ حسن يحمسهم بالمقال ويشجعهم على الحرب والقتال ويقول لهم: إنه من الواجب أن تركب الجازية مع العمارية وتحمل عليهم في الصباح بالكتائب والمواكب.
وعلى هذا النحو الذي تسوقه السيرة في الدور الحربي والمقاتل والمنقذ للجازية، كإلهة قمرية أم لذلك التحالف الهلالي؛ فهي - بالحق - التي حققت الانتصار الأخير وفك أسرى الهلالية، حتى إذا وصلت القبائل زحفها في أرض العجم أو العراق الأعلى وبحر العرب،
56
حتى طالبهم ملكها المدعو بالخرمند بدفع الجزية «عشر مالهم من النساء والدواب والخيول.»
ناپیژندل شوی مخ