الخيران أن يهلكا: أبو بكر وعمر. لما قدم وفد بني تميم قال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: أمر الأقرع بن حابس. فقال أبو بكر لعمر: إنما أردت خلافي. فقال عمر: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما عند النبي ﷺ فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ -إلى قوله- عَظِيمٌ﴾ . قال ابن أبي مليكة عن ابن الزبير: فكان عمر بعد إذا حدث النبي ﷺ بحديث حدثه كأخي السرار لم يسمعه حتى يستفهمه. ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر. اهـ.
وقال القسطلاني في المواهب: وقال ابن عباس لما نزل قوله تعالى: ﴿لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾ . كان أبو بكر لا يكلم رسول الله ﷺ إلا كأخي السرار. اهـ.
وقال في المواهب: وينبغي للزائر أن يستحضر من الخشوع ما أمكنه، وليكن مقتصدًا في سلامه بين الجهر والإسرار. اهـ. وأيضًا في المواهب: ثم يقول الزائر بحضور قلب وغض طرف وسكون جوارح وإطراق: السلام عليك يا رسول الله.. الخ.
وقال ابن حجر في الجوهر المنظم: إذا وقت أو جلس ثم سلم لا يرفع صوته، بل يقتصد فيقول: السلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته.. الخ. وقال السيوطي في (موجز اللبيب في خصائص الحبيب): ويحرم التقدم بين يديه، ورفع الصوت فوق صوته، والجهر له بالقول، ونداؤه من وراء الحجرات، والصياح به من بعيد. اهـ.
والشق الثاني أيضًا باطل، فإن السلام المشروع عند القبر سلام تحية لا سلام دعاء، وسلام التحية لابد فيه من أن يفعل بحيث يسمعه المسلم عليه حتى يرده على المسلم.
قال في المواهب وشرحه للزرقاني: ويكثر من الصلاة والسلام على رسول الله ﷺ بحضرته الشريفة حيث يسمعه ويرد عليه، بأن يقف بمكان قريب منه ويرفع صوته إلى حد لو كان حيًا مخاطبًا لسمعه عادة اهـ. وقال الزرقاني: والظاهر أن المراد بالعندية قرب القبر بحيث يصدق عليه عرفًا أنه عنده، وبالبعد ما عداه وإن كان بالمسجد اهـ. ولما سدت حجرة عائشة ﵂ التي هي مدفن رسول الله ﷺ وبنيت على القبر حيطان مرتفعة مستديرة حوله ثم بنى عليه جدران من ركني القبر
1 / 39