189

د انسان ساتنه

صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان

خپرندوی

المطبعة السلفية

د ایډیشن شمېره

الثالثة

د خپرونکي ځای

ومكتبتها

"وعن أبي يزيد البسطامي قدس الله سره أنه قال: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون، ومن كلام السجاد ﵁: إن طلب المحتاج من المحتاج سفه في رأيه وضلة في عقله، ومن دعاء موسى ﵇ "وبك المستغاث" وقال ﷺ لابن عباس ﵁ "إذا استعنت فاستعن بالله" الخبر، وقال تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ . وبعد هذا كله أنا لا أرى بأسًا في التوسل إلى الله تعالى بجاه النبي ﷺ عند الله تعالى حيًا وميتًا١، ويراد من الجاه معنى يرجع إلى صفة من صفاته تعالى، مثل أن يراد به المحبة التامة المستدعية عدم رده وقبول شفاعته، فيكون معنى قول القائل: إلهي أتوسل بجاه نبيك ﷺ أن تقضي لي حاجتي: إلهي اجعل محبتك له وسيلة في قضاء حاجتي، ولا فرق بين هذا وقولك: إلهي أتوسل برحمتك أن تفعل كذا، إذ معناه أيضًا: إلهي اجعل رحمتك وسيلة في فعل كذا، بل لا أرى بأسًا أيضًا بالإقسام على الله تعالى بجاهه ﷺ بهذا المعنى، والكلام في الحرمة كالكلام في الجاه، ولا يجري ذلك في التوسل والإقسام بالذات البحت. نعم لم يعهد التوسل بالجاه والحرمة عن أحد من الصحابة ﵃، ولعل ذلك كان تحاشيًا منهم عما يخشى أن يعلق به في أذهان الناس إذ ذاك وهم قريبو عهد بالتوسل بالأصنام شيء٢، ثم اقتدى بهم من خلفهم من الأئمة الطاهرين، وقد ترك رسول الله ﷺ هدم الكعبة وتأسيسها على قواعد إبراهيم لكون القوم حديثي عهد بكفر كما ثبت ذلك في الصحيح. وهذا الذي ذكرته إنما هو لدفع الحرج عن الناس، والفرار من دعوى تضليلهم كما يزعمه البعض في التوسل بجاه عريض الجاه ﷺ، لا للميل إلى أن الدعاء كذلك أفضل من استعمال الأدعية المأثورة التي جاء بها الكتاب وصرحت بها ألسنة السنة، فإنه لا يستريب منصف في أن ما علمه الله تعالى ورسوله ﷺ ودرج عليه الصحابة الكرام ﵃ وتلقاه من بعدهم بالقبول أفضل وأجمع وأنفع وأسلم، فقد

١ سيأتي رده. ٢ شيء فاعل يعلق.

1 / 190