إن خروج التصوير الإسلامي على أصول الهيئة البشرية إنما تستدعيه نية مستقرة في الطبع، مبعثها الاستهانة بعظمة الإنسان المطلق، الإنسان الذي ركزه في قلب العالم فلاسفة يونان، وأهل الأدب والفن في إيطالية الناهضة، أولئك الذين فخموا منزلة البشرية، ومجدوا العري الوضاح في مصوراتهم ومنحوتاتهم، فجاء الإنسان معهم جميعا «مقاس الأشياء كلها» كما قال «بروثاغورس». ولا يسع الإسلام إلا أن ينكر هذا الشطط: لا جرم أن الله كرم بني آدم، فخصهم بجملة من الميزات،
وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا (الإسراء: 70)، ولكن هذا التكريم فضل محض من الله:
ما أصابك من حسنة فمن الله (النساء: 79)، وفي صدارة الحسنات نعمة الوجود؛ فالتكريم لم ينله الإنسان بقوته، إذ خلق
ضعيفا (النساء: 28)،
ولم يك شيئا (مريم: 67)، يترصده الموت فيدركه أينما يكون (النساء: 78). ولا بد للإنسان الناعم بالوجود، حتى يستحق تكريم ربه له، أن يجاهد في الله حق جهاده، فيناضل العدو الكامن في جوانحه (تفسير الحج: 78)، العاقد عقد الاضطراب الآثم، ذلك هوى النفس «الملك الغشوم، والمتسلط الظلوم» كما قال بعض الحكماء، فكيف للإنسان أن يكبر طبيعته، وقد قال له ربه:
وما أصابك من سيئة فمن نفسك (النساء: 79)؟ وكيف له أن يركن إليها وقد
خلق هلوعا (المعارج: 19)، معه
ظهر الفساد في البر والبحر (الروم: 41)؟ وكيف وإنه
ليطغى (العلق: 6)، وإنه
لظلوم (إبراهيم: 34)، وإنه
ناپیژندل شوی مخ