وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين (التكوير: 29)؛
إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير (ق: 43).
فحياة الفرد - بما هي عليه من ذل الحاجة ومهانة العجز - يسلبها كيانها حال من الوله الانفعالي، وله سابح في وجدانيات مشتركة، موجه إلى تكوين عالم ذي أشكال تتلخص فيها لمحات الجماعة.
على أن الفن الإسلامي - بالجملة - لا يشكو ضياع الشخصية، كما قال عليه، فما هو بملقى إلى الصناع وحدهم، ولا إلى «المقلدين» كما يزعم كثير. أولا يكون المنجز فنانا متى أخرج الفكر السائر في الملة من القوة إلى الفعل، وهو يحكم تطبيق الأداء على ما في الأنفس مجتمعة من توقان؟
حوى ذلك التنميق معاني هي من وراء الطبيعة، جعلته نسيج وحده وأمدته بالهمة المتصلة، ثم يسرت لسلطانه أن ينبسط في البلدان العربية والمستعربة حتى مضى إلى فارس، وهناك انبعثت الصيغ القديمة في تصور لم يتحرك به خاطر من قبل، وبذلت قيادها إلى صنعة مستجدة.
ولما كانت هذه الصفوة من دقائق الزينة تهتز طراءة وظرفا وانطلاقا خلبت المزخرفين النصارى من سوريين وكبدوكيين، ومن أقباط وبيزنطيين، حتى من إيطاليين وإسبانيين. فهؤلاء القوم الذواقون أسرعوا إلى تلك الزينة (اللوح 16أ، 16ب) مع أن الذي تلقوه من آبائهم في صناعة الترقين كان وافرا على بهجة (اللوح 15).
ومما يورث الأسف بعد كل ذلك أن التنميق الإسلامي تحدر - على تعاقب السنين - إلى ركام من رواسم مطروقة أي طرق، حتى إنها همدت وخوت، وكان ذلك المصير محتوما؛ فمما لا يخفى على أحد أن كل نمط من أنماط الفن يفتر آجلا أو عاجلا حتى الجمود إذا هو تمنع أن يتجدد من الباطن، ثم إن التجريد المفرط مساقه إلى الركاكة، إذا دبرته فكرة تحصرها شواغل هي هي، ويحيط بها جدب تستريح إليه يوما بعد يوم، جدب الثقافة التي تتحلل، ذلك فضلا عن أن مزاج الفنان إذا تألب عليه عنف التخرج والتخمس غله وأذله.
ومهما يك المصير فإن بهاء الزخرف الإسلامي يلمع بين يدي الناظر في الفنون لمعانا لا تكاد رفاته العجيبة تلقى أشباهها في فلك الذوق الخالص.
الذيل
1
ناپیژندل شوی مخ