سر چې زما په فکر کې دی

محمد احمد شيخون d. 1450 AH
93

سر چې زما په فکر کې دی

سر يؤرقني

ژانرونه

في غرفة الطعام كانت هناك لوحتان زيتيتان معلقتان أعلى الحائط، رسمتهما شقيقة أخرى لجدتي، التي توفيت في سن مبكرة. إحدى اللوحتين تصور كوخا على جدول ينساب به الماء أمامه، فيما تعبر اللوحة الثانية عن كلب يمسك بطائر في فمه، علقت عليها أمي ذات مرة بأن حجم الطائر كبير جدا مقارنة بالكلب.

فردت عليها جدتي، قائلة: «حسنا، لم يكن هذا خطأ تينا؛ فقد نسختها من أحد التقويمات.»

قالت الخالة مادج مؤمنة على كلامها: «كانت فنانة موهوبة ولكنها كفت عن الرسم بعد زواجها.»

كانت هناك أيضا في الغرفة صورة لجدتي والخالة مادج، مع والديهما، وأختهما المتوفاة، وشقيقة أخرى تزوجت من كاثوليكي، وهو الأمر الشائن في نظر العائلة لدرجة أنهم اعتبروها في عداد الأموات، وإن كان السلام قد حل بينهم في وقت لاحق. كنت أمر على هذه الصورة مرور الكرام ولا أتوقف عندها كثيرا، ولكن بعد وفاة جدتي وانتقال الخالة مادج إلى دار لرعاية المسنين (حيث لا تزال حية حتى الآن، حية ولكن لا تعرف أحدا ولا أحد يعرفها، وقد فقدت عقلها وذاكرتها ولعلها نسيت ماضيها تماما بكل منغصاته، تحررت من كل ذلك)، أخذت الصورة لأصحبها معي أينما ذهبت.

كان والداها جالسين، حيث كانت الأم متخشبة في جلستها دون أن يرف على شفتيها شبح ابتسامة، مرتدية فستانا أسود حريريا، شعرها خفيف ومفروق من المنتصف، وعيناها جاحظتان ذابلتان. أما الأب فلا يزال وسيما، ملتحيا، ويداه على ركبتيه مجسدا دور السيد المطاع في الأسرة. البصمة الأيرلندية ظاهرة قليلا هنا، حيث يستمتع الأب بدوره، وربما كانت تلك المتعة نابعة أيضا من عدم قدرته على الهروب منه الآن. ففي شبابه كان معروفا بارتياده الحانات؛ وحتى بعد إنجاب أولاده ظل محتفظا بلقب السكير، العربيد الكبير. لكنه تخلى عن تلك العادات، وأدار ظهره لأصدقائه وجلب عائلته هنا، لاستصلاح قطعة أرض بمشروع هورون تراكت الذي افتتح مؤخرا. وكانت هذه الصورة علامة وسجلا لأهم إنجازاته: الاحترام والرخاء المعقول، زوجة حنون ترتدي فستانا حريريا أسود اللون، وبنات حسناوات المظهر طويلات القامة.

ومع ذلك؛ فقد كانت ملابسهم في واقع الأمر تبدو مبالغا فيها؛ تحفل بالكشكشات والذوق الفلاحي. كلهم ما عدا الخالة مادج؛ فقد كان فستانها ضيقا، بسيطا، برقبة طويلة، تزينه قطع لامعة صغيرة، ربما من الكهرمان الأسود. وطريقتها في ارتداء الفستان تنم عن ذوق رفيع، لا سيما مع إمالة رأسها قليلا إلى الجانب، والابتسام دون حرج للكاميرا. كانت خياطة متميزة، وتفصل ملابسها بنفسها، وتفهم ما يناسبها. ولكن من المرجح أنها هي من فصلت فساتين شقيقاتها أيضا، وما الحيلة تجاه ذلك؟ كانت جدتي تلبس فستانا بأكمام فضفاضة وياقة مخملية واسعة، وما يشبه الصديري المقلم بخطوط مخملية متقاطعة، كان شكله مستغربا عند الخصر. كانت ترتدي تلك الملابس دون أي من مظاهر السلطة، بل كانت حمرة الخجل تعلو وجهها، كمن تعتذر بنصف ابتسامة غير واثقة في قبول اعتذارها. تبدو جدتي في الصورة مسترجلة إلى حد بعيد، حيث شعرها الأشعث الملفوف لأعلى وإن كان ممشطا للأمام، مما يعرضه للسقوط. لكنها ترتدي خاتم الزواج، ففي ذلك الحين كانت قد أنجبت أبي، وكانت الوحيدة المتزوجة من بينهن حينذاك، والبنت البكر للأسرة، وأيضا أطول شقيقاتها.

على العشاء، سألتني جدتي: «كيف حال أمك؟» وفي لحظتها شعرت بانقباض النفس. «بخير.»

لم تكن بخير، ولن تكون بخير أبدا. كانت تعاني من مرض يتطور ببطء وليس له علاج معروف.

علقت الخالة مادج بنبرة المتأثر: «مسكينة.»

أردفت جدتي متنهدة: «لقد وجدت صعوبة في فهمها على الهاتف. أعتقد أنه كلما ازدادت حالة صوتها سوءا، أصبحت أكثر رغبة في الحديث.»

ناپیژندل شوی مخ