94

سر مکتوم

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

خپرندوی

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

د خپرونکي ځای

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

وقد أنشد سلم بن ميمون الخوّاص (١): أرى الدنيا لِمَنْ هي في يديْهِ ... عذابًا كلَّما كَثُرَت لديه تُهينُ المُكرمِينَ لها بصُغْرٍ ... وتُكرِمُ كلَّ مَنْ هانَتْ عليه على أنه ﷺ لم يقتصر في الدعاء لأنس ﵁ بالإكثار فقط، بل ضم إليه الدعاء بالبركة (٢) الذي صدوره منه ﷺ يشمل عدم الافتتان به بحيث يزول محذوره، إذ الدنيا بلاء وفتنة، ففي التنزيل: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: ١٥] . وفي الأحاديث الإلهية يقول الله ﷿: «ابن آدم ما خلقت هذه الدنيا إلا محنة» (٣)، ولهذا قال ﷺ: «إنَّ الله مستخلفكم فيها فناظرٌ كيف تعملون» (٤) .

= وانظر: «الزهد» لابن أبي عاصم (باب ما ذكر أن النبي ﷺ قال: «من كانت همته ونيته الآخرة؛ أتته الدنيا وهي راغمة» (ص ٦٢ وما بعدها)، و«زهد وكيع» (رقم ٣٥٩، ٣٦٠) والتعليق عليه، و«إتحاف السادة المتقين» (٦/٢٩٠) . ومعنى الحديث: إن المشتغل بالسبب معرضًا عن النظر في غيره؛ فمشتغل بأمرٍ واحد، وهو التعبّد بالسبب أي سبب كان، ولا شك أن همًّا واحدًا خفيفٌ على النفس جدًّا بالنسبة إلى هموم متعدّدة، بل همّ واحدٌ وثابتٌ خفيف بالنسبة إلى همّ واحد متغيّر مُتشتِّت في نفسه، وللكلاباذي كلام مطول حوله، انظر: «معاني الأخبار» له (ص ٣٣٣-٣٣٥) . (١) ذكر ذلك أبو نعيم في «الحلية» (٨/٢٧٨) ووقع فيه: «كلما كوت»؛ وهو خطأ، صوابه المثبت، وفيه -أيضًا-: «سالم بن ميمون الخواص»، وهو خطأ، صوابه: «سلم»» . له ترجمة في «الجرح والتعديل» (٤/٢٦٧)، «ميزان الاعتدال» (٢/١٨٦)، «السير» (٨/١٧٩) . وقد وجدت الأبيات عند ابن أبي الدنيا في «ذم الدنيا» (رقم ٤٣٨) وذكر تمثّل بعضهم بها. (٢) انظر: «الأجوبة المرضية» (٢/٧٤٥)، وسيأتي كلامه في التعليق على آخر رسالتنا هذه. (٣) أورده الديلمي في «الفردوس» (٨٠٥١) من حديث ابن عمر. (٤) جزء من حديث أخرجه بنحوه: أحمد (٣/٧ و٥١ و٨٤)، والحميدي (٧٥٢)، وعبد بن حميد (٨٦٤)، والترمذي (٢١٩١)، وابن ماجه (٤٠٠٠)، والنسائي في «الكبرى» (٩٢٦٩)، وأبو يعلى (١١٠١ و١٢١٢ و١٢١٣ و١٢٤٥) من حديث أبي سعيد الخدري، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.

1 / 105