رغِب إليكم، وتحلّوا بالجود يُلبسكم المحبة، ولا تعتقدوا البخل فتستعجلوا الفقرَ» (١) .
ومنهم دنيء الأصل، رديء الطباع، واثق بما في يديْه، فهذا لا يُصلحُه المال، ولا يصلح عليه.
كما يُروى عن أنس وعمرَ وغيرهما من الصحابة -رضوان الله عليهم-، عن النبي ﷺ أنه قال: يقول الله ﷿: «إن من عِبادي من لا يَصلح إيمانُه إلا بالغنى، ولو أفقرتُه لأفسده ذلك، وإنَّ من عبادي من لا يَصلح إيمانُه إلا بالفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك» (٢) ... الحديث.
على أنه يمكن الفرق بين المالين بخلاف هذا -أيضًا-، وذلك بأن يقال: لا يلزم من الكثرة التي دعا بها لأنسٍ وجود مال مدّخر، بل لعلها مالٌ يتجدّدُ له في كلِّ يوم من ربحٍ وغيرِه، وهو ينفده أوَّلًا فأوَّلًا، بخلاف التي دعا بها لغيره نفيًا وإثباتًا.
أو يكون المدعو بها لأنس هي الكثرة من المواشي، وكذا من الزرع والغرس، الذي قال ﷺ فيه -كما في «صحيح مسلم» وغيرِه- من حديث جابرٍ وغيرِه: «ما من مسلمٍ يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه إنسان أو بهيمة أو شيء -وفي لفظٍ: «أو طائر» - إلا كان له به صدقةً» (٣) .
وذلك كان أكثر أموال الأنصار، الذي قال ﵁ وعنهم-: أنه من أكثرهم مالًا.
ويستأنس له بما ورد أنه كان له بستانٌ يحمل في السنة مرتين، وكان فيه رَيحان يجيء منه ريح المسك.
(١) مضى تخريجه (ص ١٤٥) .
(٢) مضى تخريجه (ص ١٤٧) .
(٣) مضى تخريجه (ص ١٦٣) .