فلم يأت إلا بالسهل الممكن دون الوعر المتعب ومتى تأملت الألفاظ المهملة لم تجد العلة في إهمالها إلا هذا المعنى وليس غيرها من اللغات كذلك كلغة الأرمن والزنج وغيرهم.
ومما يدل على فضل هذه اللغة العربية أيضًا وتقدمها على جميع اللغات أن أربابها وأصحابها هم العرب الذين لا أمة من الأمم تنازعهم فضائلهم ولا تباريهم في مناقبهم ومحاسنهم وإن كانوا تواضعوا على هذه اللغة فلم يكن تنتج أذهانهم الصقيلة وخواطرهم العجيبة إلا شيئا خليقًا بالشرف وأمرًا جديرا بالتقدم. وأن كانت توفيقًا من الله تعال لهم ومنة من بها عليهم فلم يكن بد لهم من العناية بشأنهم والتشييد من ذكرهم حتى ركبهم على حميد الخلال وطبعهم على جميل الأخلاق إلا على غاية لا يتعلق بشأوها ورتبة يقصر الطالبون عن بلوغها. ولست في هذه النتيجة ممن يدعى مقدمتها عصبية ولا يذهب إليها حمية بل سأبين في هذا الفصل صحة ما أقوله من تفضيل العرب بحسب ما يليق به ولا يفضل عن قدر الحاجة فيه فإني لو رمت إيضاح ذلك بجملته وإيراده بجميع أدلته خرجت عن المقصود في هذا الكتاب وأخذت في تفضيل العرب على الأمم وهو يحتاج إلى جزء مميز وكتاب مفرد.
وجه تفضيل هؤلاء القوم على غيرهم.
إن الخصال المحمودة توجد فيهم أكثر وفي غيرهم أقل وعلى هذا الحد يقع التمييز بين القبيلتين وأهل البلدين ومتى تأمل المنصف حال العرب علم ما ذكرته حقيقة.
أما الكرم فالأمر فيه واضح لأننا لم نجد أمة من الأمم ولا شعبًا من الشعوب رأى قرى الضيف واجبًا ومساواة الجار فريضة إلا هذه
1 / 52