المراد به: أقبل يا زيد وعلى هذا المعنى فهو داخل في قسم الأمر. وأما التخصيص فهو في معنى الأمر لأنه يغبىء عن إرادة المخصص للفعل.
وإذ كنا قد بينا حد الكلام وحقيقته فينبغي أن نذكر حقيقة المتكلم فنقول: إن المتكلم من وقع الكلام الذي بينا حقيقته بحسب أحواله من قصده وإرادته واعتقاده وغير ذلك من الأمور الراجعة إليه حقيقة أو تقديرًا والذي يدل على ذلك أن أهل اللغة متى علموا أو اعتقدوا وقوع الكلام بحسب أحوال أحدنا وصفوه بأنه متكلم ومتى لم يعلموا ذلك أو يعتقدوه لم يصفوه فجرى هذا الوصف في معناه مجرى وصفهم لأحدنا بأنه ضارب ومحرك ومسكن وما أشبه ذلك من الأفعال. ومن دفع ما ذكرناه في الكلام وإضافته إلى المتكلم تعذر عليه أن يضيف شيئًا على سبيل الفعلية لأن الطريقة واحدة. ولا يلزم على ما ذكرناه إضافة كلام النائم والساهي إليهما وإن لم يقع بحسب المقصود وذلك أننا لم نقتصر على ذكر المقصود والدواعي دون جملة الأحوال. والكلام يقع من النائم والساهي بحسب قدرتهما ولغتهما. واللثغة العارضة في لسانهما وغير ذلك من أحوالهما. على أنا قد احترزنا بذكر التقدير في كلامنا لأن من المعلوم أن كلام النائم لو كان قاصدًا لوقع بحسب قصده وأنه مخالف لكلام غيره. ويدل على ما ذكرناه أيضًا أنهم يضيفون الكلام المسموع من المصروع إلى الجني لما اعتقدوا تعلقه بقصده وإرادته.
وهذا وأن كان خطأ منهم وجهلا فلا يغير دلالتنا منه لانا إنما استدللنا باستعمالهم على وجه لا فرق فيه بين الفاسد والصحيح لأن عبارتهم تابعة لاعتقاداتهم ولا فرق بين أن تكون تلك الاعتقادات علمًا أو جهلًا.
كما يستدل على أن لفظة إله في لغتهم موضوعة لمن يحق له العبادة بوصفهم للأصنام بأنها آلهة لما اعتقدوا أن هذه العبادة تحب لها وأن كان هذا الاعتقاد منهم في الأصنام فاسدا.
فإن قالوا: إنهم إنما أضافوا الكلام المسموع من المصروع إلى الجني لما اعتقدوا أن الجني قد سلكه
1 / 44