أن يقع منه أقل قليل للكلام. وفيهم من احترز من ذلك وقال في أصل الحد ما إنتظم من حرفين مختلفين. وادعى أن الأخرس لا يقع منه ذلك. وطعن على هذا القول بأنه: غير ممتنع أن يقع من الأخرس حرفان مختلفان. والمعتمد التزام ذلك والقول بجوازه.
وليس يجوز أن يشترط في حد الكلام كونه مفيدًا على ما يذهب إليه أهل النحو ومضى في بعض كلام أبي هاشم وذلك أنا وجدنا أهل اللغة قد قسموا الكلام إلى مهمل ومستعمل.
والمهمل ما لم يوضع في اللغة التي أضيف أنه مهمل إليها لشيء من المعاني والفوائد والمستعمل هو الموضوع لمعنى أو فائدة. فلو كان الكلام هو المفيد عندهم وما لم يفد ليس بكلام لم يكونوا قسموه إلى قسمين بل كان يجب أن يسلبوا ما لم يفد اسم الكلام رأسا لا أن يجعلوه أحد قسميه. على أن الكلام إنما يفيد بالمواضعة. وليس لها تأثير في كونه كلاما كما لا تأثير لها في كونه صوتًا وأي دليل على أن اسم الكلام عندهم غير مقصور على المفيد أو كد من تسميتهم للهذيان الواقع من المجنون وغيره كلاما. وليس يمكن دفع ذلك عنهم ولا إنكاره. وقد وجدت أبا طالب أحمد بن بكر العبدي النحوي ينصر في كتابه الموسوم بالبرهان في شرح الإيضاح ما يذهب إليه النحويون في هذا المسألة. فلما تأملته وأنعمت النظر فيه لم أجده معتمدًا فيما أدعوه. وأنا أحكيه وأتبعه ببيان عدم الدلالة منه. قال أبو طالب: وهذا اللفظ من الكلام فإنه يكون واقعا على المفيد منه لا على غيره ألا ترى أن سيبويه ﵀ قال: واعلم إن قلت إنما وقعت في كلام العرب على أن يحكى بها ما كان كلاما لا قولا وفسر معنى هذا القول.
ثم قال فإن قلت: ألست تقول لمن نطق وأظهر كلمة واحدة قد تكلم وإن لم يكن ما ذكره جملة. قيل قال
1 / 34