40

ان أول ما بدئ به رسول الله (ص ) من الوحي ، الرؤيا الصادقة ، وكان يرى الرؤيا فتأتيه مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، ( فكان يخلو بغار حراء ) (1).

إن المتأمل في تلك الرواية يستطيع أن يفهم منها حقائق أساسية تتعلق بالوحي والنبوة :

1 إن النبي كان يهيأ من قبل الله تعالى لتلقي الوحي بتوجيهه عن طريق الالهام والالقاء في نفسه ، والانكشاف له من خلال الرؤيا الصادقة ، ولم يفاجأ به ، كما تصور بعض الاخبار

ذلك .

وواضح أن رؤيا الانبياء هي درجة من درجات الوحي ، ولكنها أقل مستوى من التكليم بواسطة جبريل (ع) .

2 تحبيب الخلوة له من قبل الله تعالى ، لينقطع عن عالم الحس والشهادة ، ويستغرق في التأمل والتعالي نحو عالم الغيب والملكوت الاعلى ، والاتجاه إلى الله سبحانه ، وليكون مهيأ

لتلقي الفيض الالهي والوحي الرباني . وبذا فلم يكن النبي (ص) ليذهب إلى غار حراء ذهابا

(30)

عفويا غير موجه ، ولا حكمة فيه ولا انتظار؛ فالروايات تصرح بأن النبي (ص) كان ينقطع في كل عام شهرا كاملا في هذا الغار ، للخلوة والانفراد . كما كان يذهب في بعض الايام للخلوة والتأمل هناك ، وليس معقولا أن يتم كل ذلك بصورة عفوية ، أو بدافع شخصي من الرسول ، بل كان توجيها إلهيا ، ومرحلة تأمل وانتظارا للوحي .

لقد كان على اتصال بعالم الملكوت الاعلى عن طريق الرؤيا والمنام .

نزول الوحي

وفي سنة (610 م) وهي السنة التي أراد الله سبحانه أن يبعث نبيه محمدا (ص) إلى الناس كافة ، كان النبي قد ذهب في شهر رمضان من تلك السنة ، إلى الغار ومعه أهله مجاورون ، فأتاه جبريل (ع) فألقى إليه كلمة الوحي ، وأبلغه بأنه نبي هذه البشرية والمبعوث إليها .

مخ ۴۰