لذا كان طبيعيا أن يوجه الانبياء أصحاب الرسالات الكبرى ، كموسى وعيسى (ع) أتباعهم إلى انتظار هذا الدين العظيم ، لاعتناق دعوته ، والتصديق برسالته ، والايمان بنبيه محمد (ص) . فقد أشارت الكتب الالهية المقدسة التوراة والانجيل إلى مجيء هذا النبي العظيم ، موجهة أتباعها إلى انتظار الدين ، والانضواء تحت دعوته ، والتصديق برسالته .
ولقد كان اليهود ينتظرون بعثة نبي ، يبعثه الله منقذا وهاديا للبشرية ، ويعرفونه في كتبهم وتباشير مستقبلهم .
وكانوا يصرحون بذلك وينتظرون بعثته لينتصروا به على العرب من الاوس والخزرج .
وقد سجل القرآن هذه الحقيقة وذكر اليهود بها فخاطبهم بقوله :
(ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على
الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ). (البقرة / 89)
(19)
ولقد حدثت أحداث ووقائع تاريخية مشهورة في التاريخ اليهودي من قبل مجيء محمد (ص) ، دلت على المعنى ذاته الذي أشارت إليه الآية الكريمة من بعد البعثة :
(وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) .
فقد ورد عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قوله :
« كانت اليهود يستفتحون أي يستنصرون على الاوس والخزرج برسول الله (ص) قبل مبعثه ، فلما بعثه الله من العرب ولم يكن من بني إسرائيل ، كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه ، فقال لهم معاذ بن جبل ، وبشر بن البراء بن معرور : يا معشر اليهود ! اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ، ونحن أهل الشرك وتصفونه وتذكرون أنه مبعوث ، فقال سلام بن مشكم ، أخو بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه ، وما هو بالذي كنا نذكر لكم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية » .
مخ ۲۵