165

ورغم اشتداد المرض به، إلا أن رسول الله (ص) كان يؤكد باستمرار على وجوب تسيير جيش أسامة وعدم التخلف عنه، فقد روى المفيد أن الرسول (ص) بعدما صلى آخر صلاة في المسجد وانصرف إلى منزله استدعى أبا بكر وعمر وجماعة ممن حضر بالمسجد من المسلمين، ثم قال: ( ألم آمركم أن تنفذوا جيش أسامة)؟ فقالوا: بلى يا رسول الله، قال: فلم تأخرتم عن أمري؟ قال أبو بكر: إني كنت خرجت ثم رجعت لا جدد بك عهدا. وقال عمر: يا رسول الله إني لم أخرج لاني لم أحب أن أسأل عنك الركب، فقال النبي (ص): نفذوا جيش أسامة، نفذوا جيش أسامة، يكررها ثلاث مرات ...(1)

ومع هذا فقد توفي رسول الله (ص) ولم ينفذ جيش أسامة.

قلق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على مستقبل الاسلام

وفي إحدى الليالي ، نادى الرسول (ص) عليا وجماعة من أصحابه وخرج بهم إلى البقيع ، قائلا لمن اتبعه : إني قد امرت أن أستغفر لاهل البقيع .

فلما وقف بين القبور ، قال مخاطبا موتى المؤمنين : «السلام عليكم يا أهل القبور ، ليهنئكم ما أصبحتم فيه ، مما فيه الناس ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها» ثم استغفر لاهل البقيع طويلا ، ونعى نفسه لمن كان حاضرا من المؤمنين .

الوصية الاخيرة

وفي آخر ساعاته خاطب رسول الله (ص) من حضر عنده من أصحابه بقوله : «إئتوني بدواة وكتف، لا كتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا» وكان في البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب،

(52)

فقال عمر: إن الرجل ليهجر، وقد غلبه الوجع وعنكم القرآن ، حسبنا كتاب الله .

فاختلفوا وكثر اللغط واختصموا، فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله (ص)، ومنهم يقول ما قاله عمر، فلما أكثروا اللغط والاختلاف، وغم رسول الله (ص) وقال: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع.

مخ ۷۳