126

جلس رسول الله (ص) إلى جوار دار لهم ، وبدأ بالمطالبة بما يريد ، فتظاهروا بالاستجابة والتنفيذ ، في حين خلا بعضهم إلى بعض ليدبروا مؤامرة اغتياله (ص) فتواطأوا على إلقاء حجر على الرسول (ص) من سطح المنزل الذي كان يجلس بجواره ، فأعلم الله نبيه (ص) بالمؤامرة فعاد إلى بيته ليوجه إنذارا إلى يهود بني النضير بالخروج من المدينة بقوله :

(اخرجوا من بلدي) . وأن يتركوا ديارهم وأموالهم ، وقد أمهلهم عشرة أيام ، مهددا بقتل من لم ينفذ هذا القرار بعد تلك المهلة .

وعلى امتداد خط المواجهة بين اليهود والاسلام كان المنافقون حلفاء اليهود ، والمنسقين معهم في المواقف ، غير أن المنافقين كما وصفهم القرآن أذل من أن ينصروا حلفاءهم ، فكانوا في كل مرة يعدون ولا يفون .

لقد أغرى زعيم المنافقين عبد الله بن ابي يهود بني النضير بالتمرد على إنذار الرسول (ص) ، وعدم الخروج من المدينة ، ووعدهم بالنصرة والوقوف إلى جانبهم ، فانخدع اليهود بوعد المنافقين ، وصدقوهم ، فحملهم هذا الوعد على تحدي الانذار، ورفضوا الخروج . ولما رأى الرسول (ص) عنادهم واصرارهم على عدم الاستجابة ، أصدر أوامره إلى أصحابه ، وأمرهم بالتوجه عصرا إلى حصون بني النضير ، وحمل الامام علي بن أبي طالب (ص) راية الجهاد ، واشتبك المسلمون معهم في معركة ، قتل فيها عدد من اليهود ، ولم ينصرهم المنافقون .

وحين اشتد الحصار عليهم ، ورأوا التفوق العسكري إلى جانب المسلمين ، طلبوا الصلح من رسول الله (ص) فمنحهم عفوه ، وصالحهم على أن يتركوا ما يملكون من ذهب وفضة وسلاح وأراض للمسلمين ، ولهم ما حملت الابل من متاع ، فرضوا بذلك ، وجمعوا أنفسهم ، وتحركوا قطارا إلى بلاد الشام . لقد وقعت تلك الأحداث والمواجهة بعد معركة احد بأربعة أشهر ، كما روى اليعقوبي ذلك .

مخ ۳۴