124

كان حمزة ضحية الحقد والثأر الحقود ، فقد أغرت هند زوجة أبي سفيان وحشيا وهو عبد حبشي لجبير بن مطعم بقتل حمزة ، فاستطاع أن يحقق ذلك الحقد ، ويغتال حمزة ، حمزة الذي كان قد أبلى بلاء حسنا يوم بدر واحد ، ولم يكتف القتلة المجرمون بذلك ، بل وأغراهم الحقد وحمية الجاهلية بالتمثيل بحمزة وشق بطنه وقطع أنفه وأذنيه ، بل وتناولت هند كبد حمزة فلاكتها بأسنانها تشفيا وانتقاما .

لقد أثر هذا الموقف المأساوي في نفس الرسول (ص) وأصحابه فتوعد قريشا بالعقاب والآنتقام المضاعف ، فخاطبه الباري جل شأنه بقوله :

(وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ).(النحل/126)

فقال (ص) : (أعفو) . معبرا عن خلقه في الحرب والسلم ، وتعامله مع العدو والصديق (1).

فكانت معركة احد التجربة العسكرية القاسية والاختبار الصعب الذي مر به المسلمون .

(23)

ولاهمية هذا الحدث وضرورة معالجته ، وتشخيص الأخطاء ومواقع الضعف فيه ، والتغلب على الهزيمة نفسيا وميدانيا ، أنزل الله سبحانه آيات عديدة تتحدث عن أحداث احد وما جرى فيها من خطأ وضعف ومواقف ومناقشات .

ثم أمر الله سبحانه نبيه الكريم أن يدعو أصحابه في اليوم الثاني من الهزيمة والانكسار إلى التهيؤ لشن الحرب على قريش ، مع ما بهم من جراحات وآلام ؛ لاستعادة المعنوية ، وإيجاد وضع نفسي متماسك للمسلمين ، والاعلان الحرب النفسية والاعلامية على قريش، والايحاء لها بقوة المسلمين وقدرتهم على المهاجمة والمواجهة، فاستجاب المسلمون لامر الرسول (ص) ، وقدم الرسول الامام عليا ، وأعطاه راية المهاجرين ، فحملها بقوة وشجاعة ، واتجه بقوات المجاهدين لمطاردة أبي سفيان حتى وصل منطقة تدعى (حمراء الاسد) ، فتوقف فيها وأقام ثلاثة أيام .

مخ ۳۲