122

كان هذا رأي رسول الله (ص) ورأي عدد من أصحابه ، في حين عارض فريق آخر من الصحابة ، وكانوا الاكثر عددا ، هذه النظرية القتالية ، إذ نظروا إلى الموقف من افق آخر ، وقالوا : نخرج إليهم خارج المدينة ، ونقاتلهم هناك ، ولا نجعل مدينتنا ساحة للحرب . فوجد رسول الله (ص) أن المصلحة في مثل هذا الظرف هو عدم مخالفة الاكثرية من أصحابه لا سيما وأن الذي وقع الخلاف فيه ليس حكما شرعيا ولا وحيا إلهيا ، بل هو موضوع عسكري فوض للجماعة الاسلامية أن تتشاور فيه وترى ما يناسب ظروفها وقدرتها العسكرية . فلم يلزم الرسول محمد (ص) أصحابه برأيه، وقد غاب عن اولئك النفر ما يملكه رسول الله (ص) من قدرة على التشخيص ، وحكمة في التقدير والتدبير .

فلم يدركوا ذلك إلا بعد أن استعد رسول الله (ص) للخروج والمنازلة ، فأحسوا بالخطأ وجاؤوا يطلبون من رسول الله (ص) البقاء في المدينة والنزول عند رأيه الحصيف . فرفض الرسول (ص) وقال :

« لا ينبغي لنبي أن يلبس لامته فيضعها حتى يقاتل »(1).

وواصل رسول الله (ص) موقفه واستنفر الناس ، فاجتمع حوله ألف مقاتل ، وسلم راية المهاجرين وقيادتهم للامام علي بن أبي طالب (ع) ، وأعطى راية الآنصار وقيادتهم لسعد ابن عبادة .

ولم يكن جيش المسلمين متكافئا مع ما حشد المشركون من عدد وعدة ، فقد كان جيش المشركين يحوي ثلاثة آلاف مقاتل .

مخ ۳۰