معركة بدر الكبرى في مقابل ظلم قريش وتعديها ومؤامراتها المستمرة، لجأ رسول الله (ص) إلى الضغط عليها وعلى المشركين اقتصاديا وعسكريا، ليكفوا عن مواجهة الرسالة ضدها نوعا من رد الفعل وصد العدوان ورعه. ولم تكن نصر هذه الغزوات على قتالهم بقدر الضغط عليهم وتحجيم تحركهم المضاد وإشعارهم بقوة المسلمين وإضعاف معنويات أعداء الاسلام من القبائل المعادية والمحيطة، حتى لا تسول لهم أنفسهم الغدر بالمسلمين.
وكانت سياسة الاسلام تجنب القتال وإراقة الدماء كما كان ذلك واضحا في وصايا الرسول (ص) لقادة المسلمين وأمراه الجيش، وبالفعل فإنهم كانوا يقبلون عروض الصلح ولم يتعقبوا القوافل التي تتجاوزهم.(1)
وقد جاءت معركة بدر ضمن هذه السياسة العامة للرسول (ص)، وكان يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ، هو اليوم الخالد في تاريخ المسيرة الاسلامية العظيمة ، بل وفي مسيرة البشرية أجمع ، لذا سماه القرآن بيوم الفرقان ، يوم الفصل والحسم لصالح المعسكر الاسلامي ، لقد حدثت المعركة الخالدة في السابع عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثانية من الهجرة ، قرب بئر ماء تدعى (ماء بدر) على بعد مائة وستين كيلومترا من المدينة تقريبا فيما بينها وبين مكة المكرمة .
خرج رسول الله (ص) ومعه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أصحابه مستهدفين السيطرة على القافلة التجارية المتوجهة من الشام إلى مكة ، والتي كان يقودها أبو سفيان ؛ وذلك للاسباب
(17)
التي سبق ذكرها ، وكان قرار التصدي للقافلة ينطوي على احتمال تطور الموقف وحصول المواجهة العسكرية ونشوب معركة حاسمة ، وهو ما حصل فعلا .
مخ ۲۴