(15) وواصل رسول الله (ص) محاولاته العسكرية لمواجهة قريش والضغط عليها من خلال مضايقة تجارتها والاغارة على الممرات والمواقع الاستراتيجية التي تستخدمها ، وتجفيف
منابع الثروة ومصادر المال والتموين والامداد الاقتصادي لفرض الحصار عليها واضطرارها للتسليم ، فشكل (ص) وحدة عسكرية بقيادته للتعرض لقافلة قريش التجارية الضخمة في منطقة (يواط) التي كان يقودها امية بن خلف فغيرت القافلة طريقها وأفلتت من المحاولة .
ثم كرر رسول الله (ص) محاولة التعرض هذه في جمادى الآخرة في السنة الثانية من الهجرة عندما علم بقافلة تجارية اخرى لقريش تتجه إلى الشام ، إلا أن القافلة استطاعت التخلص من المحاولة أيضا في منطقة العشيرة .
غير أنه (ص) استطاع أن يحقق مكسبا سياسيا وعسكريا يضيفه إلى ما حققه في أعماله العسكرية السابقة ، ويلفت النظر إلى القوة الحضارية والعسكرية الجديدة بين قبائل الجزيرة وقوى اليهود والمنافقين ، فقد استطاع رسول الله (ص) أن يوادع بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة فيأمن جانبهم ويجمد قوى جديدة يمكن أن تتحالف مع قريش وتؤلف وجودا عسكريا خطرا على الدعوة الاسلامية وكيانها السياسي الجديد ، فاستطاع (ص) بهذا العمل السياسي المحنك أن يخرج قوة من قوى المعارضة ويأمن شرها .
وفي جمادى الآخرة من السنة الثانية من الهجرة بعث رسول الله (ص) عبد الله بن جحش في مهمة استطلاعية إلى بطن نخلة بين مكة والطائف ليرصد عير قريش وقوافلها وتحركها ويوافي النبي (ص) بذلك كله ، فاستطاع هذا القائد أن يستولي على قافلة تجارية متجهة من الطائف إلى مكة في شهر رجب من تلك السنة بعد أن قتلوا أحد رجالها وأسروا اثنين منهم ، وقد اعترض رسول الله (ص) على عملهم هذا لأنه وقع في الاشهر الحرم ولم يتسلم الغنيمة حتى أنزل الله سبحانه على نبيه :
مخ ۲۲