قاد وحدة المجاهدين وسريتهم بنفسه في شهر صفر على رأس السنة الاولى من هجرته الشريفة، فكانت هذه أول غزوة غزاها رسول الله (ص) وأول عمل عسكري يقوده بنفسه ، مسلما لواء الجهاد إلى أسد الله حمزة بن عبد المطلب ، وكانت عناصر هذه الوحدة العسكرية والقوة الاستعراضية كلها من المهاجرين الاشداء الذين اخرجوا من ديارهم ، في حين استخلف الصحابي الآنصاري سعد بن عبادة على المدينة يدير شؤونها ويتولى امورها ، وتوجهت هذه الوحدة العسكرية حتى بلغت (الابواء) ، وكان رسول الله (ص) مستهدفا قطع الطريق على قافلة لقريش ، كما استهدف بني ضمرة في هذه الغزوة أيضا ، إلا أنه لم يستطع الظفر بالقافلة ولم تقع اشتباكات مسلحة ، ولكنه حقق أهدافا ومكاسب عسكرية وسياسية اخرى ، وهي إقامة معاهدة عدم اعتداء بين رسول الله (ص) وبين بني ضمرة ، من بني كنانة ، ممثلة بزعيمها مخشي بن عمرو الضمري ، ثم دونت نصوص المعاهدة وكتب بين الطرفين كتاب جاء فيه :
«إن رسول الله لا يغزو بني ضمرة ولا يغزونه، ولا يكثرون عليه جمعا ولا يعينون عدوا» .
وهكذا بدأ رسول الله (ص) يعقد المعاهدات والاتفاقيات السياسية ، وبدأ الكيان السياسي الاسلامي يفرض وجوده ومكانته على القبائل وينتزع الاعترافات من الآخرين ، بعد أن أصبحت له قوة مهابة ومكانة عسكرية محترمة ، فدخلت بذلك الدولة والدعوة الاسلامية مرحلة جديدة من التحرك والتأثير .
واستغرقت هذه التظاهرة العسكرية السياسية خمسة عشر يوما ثم عاد رسول الله (ص) إلى المدينة(1).
ويسمي المؤرخون هذه الغزوة (الابواء) كما يسمونها بغزوة (ودان) (2).
مخ ۲۱