اللعين الهضام بهذه الحيل على أموال الناس فلما فرغ من ذلك خرج إلى فلاة عظيمة ملء الأرض فجمع الصناع وامر بحفر حفرة طويلة طولها أربعمائة ذراع وعرضها مثل ذلك ثم جعل لها أساسا وبناها بالصخور العظام وأوقف عليها الف عبد اسود غلاظا وأفرد ذلها الف بعير يحملونها الأحطاب والأخشاب والف عبد يجمعون لهم ذلك ويحملونه إلى الحفرة والف يصرمون النار في الليل والنهار وسمى تلك الحفرة جهنم حتى إذا مر بهم طائر احترق من شدة لهيبها وبنى لها درجات عاليات ولما فرغ من ذلك بنى دائرة واسعة طولها عشرون فرسخا وعرضها مثل ذلك وجعل طينها المسك والزعفران وأحجارها من جميع الألوان مثل الأحمر والأصفر والأبيض والأخضر والأزرق وغرس فيها الأشجار وجمع فيها كامل الأوصاف والا طيار وبنى في وسطها دكة بيضاء من الرخام المختلف الألوان واتخذ فيها قصور وجعل سقوفها من الذهب الأحمر والفضة البيضاء وجعل فيها جواري أبكار كأنهن الأقمار ونظم ذوائبهن بالدر والياقوت ووكل بأبواب تلك المقاصير غلمانا مردا جردا وسماهم الملائكة عليهم حلل من أنواع الحرير وعلى رؤوسهم عمائم خضر وجمع في هذه المقاصير من الفواكه الصيفية والشتوية من أطيب الأثمار وجعل فيها الأطيار تغرد على الا غصان بأنواع اللغات وجعل فيها أصناف الطيب المعجون بماء الورد من حول تلك المقاصير وفيها الخمر مسكوب والعسل مصبوب واللبن محلوب يصب في قنوات فمن أطاع هذا الصنم أدخله هذه الجنة ولذذ بنعيمها ومن عصاه أدخله هذه النار يتلظى بجحيمها وقد تزايد امر هذا اللعين الجبار وشاع بين العرب بشجاعته وعظم شره حتى لقبوه بمرارة الموت (قال الراوي) فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال ويا ابن أنيس لقد حدثتني لم اسمع مثله قط وأين ارضه وبلاده ومستقره قال يا رسول الله بأطراف اليمن مائلا إلى العمران في واد يقال له وادي القمر فنادى برسول الله صلى الله عليه وسلم أين أمير المؤمنين وحامي حوزة الدين مفرق الكتائب ومظهر العجائب ومبدي الغرائب الليث المحارب والغيث الساكب والحسام القاضب ليث بني غالب أمير
مخ ۷