علمه بحالي يكفي عن سؤالي مالك المشرق والمغرب والبر والبحر والسهل والوعر والأرض والسماء عليه توكلت وبه استعين فقال الراعي صدقت وبالحق نطقت أقدم علينا أيها الرجل فالطريق امامك هذه الصفة صفة الهناء المنيع وهو في احسانه بديع ثم انهم سروا سرورا عظيما وفرحوا به فرحا شديدا وقالوا له يا فتى بلغت السلامة ومناك وأدركت هواك فان أحببت تأتي إلينا فدونك والجسر عن يمينك واجعل راحتك عندنا لتسر بنا ونسر بك فقال لهم الامام من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واني أرجو ان أكون على الطريق متبع النبي الناصح (قال الراوي) فاعرض الأعيان عنه لأنهم لم يفهموا كلامه وقالوا له ان كلامك تخليطا وفي لسانك تفريطا ان كلامنا لك ضايع فأعرضوا عنه ورجعوا إلى لعبهم ولهوهم وأقام الامام رضي الله عنه مكانه إلى أن وجب العصر فصلاه وإذا بالرعيان تصارخوا وتصايحوا فقال لهم الامام معاشر القوم ما صراخكم فقالوا ننظر إلى قطيع الظبا منحدرا من الجبل فلما نظر الامام إلى داره ووثب قائما على قدميه ثم نزع اطماره وسلاحه وقال لهم دونكم وحفظ أثوابي وسلاحي فقالوا وأين تريد فقال أريد هذه الظباء لعلي أنال ظبيا فلم يبق أحدا منهم الا وقد ضحك من قوله واستهزأ عليه ثم قال بعضهم لبعض ألم أقل لكم ان الرجل هائم على وجهه مخبوط في عقله ثم تركهم الامام ومضى وهم ينظرون إليه ويظنون انه لا يبرح من مكانه لعظم خلقته وكبر بطنه ثم إن الامام قام حتى توارى عن أعين الرعاة وقد قطع الشعاب وهو يشب من ربوة إلى ربوة ومن شجرة إلى شجرة ثم ادركها وهي في شدة جريها فقبض على اثنين منها واحدة بيمينه وأخرى بيساره واقبل كأنه الريح الهبوب والظباء في يديه فلما رأى الدعاة الظباء في يديه كبر الامام في أعينهم ولم يزل الامام سابر حتى اتى سلبه واستخرج سكينا وذبحهما وسلخهما وأجاد غسلهما ثم حفر حفرة والتفت يمينا وشمالا يطلب حطبا فلم يجد شيئا من ذلك الحطب ورمى في الحفرة حتى ملأها ثم قدح زناد وخرج نارا أضرمها في ذلك الحطب فتأججت صار جمرا فكشف الجمر عن الحصى واخذ الظبيين ورماهما في الحفرة وردم عليهما النار من فوقهما هذا والرعاة
مخ ۲۰