Sirat Ibn Hisham, Ed. Taha Abdul Raouf Saad
سيرة ابن هشام ت طه عبد الرؤوف سعد
پوهندوی
طه عبد الرءوف سعد
خپرندوی
شركة الطباعة الفنية المتحدة
ژانرونه
الرِّفادة: وَكَانَتْ الرِّفادة خَرْجا تُخْرِجُهُ قُرَيْشٌ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ مِنْ أَمْوَالِهَا إلَى قُصي بْنِ كِلَابٍ، فَيَصْنَعُ بِهِ طَعَامًا لِلْحَاجِّ، فَيَأْكُلُهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سعةٌ وَلَا زَادٌ، وَذَلِكَ أَنَّ قُصيًّا فَرَضَهُ عَلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ أَمَرَهُمْ بِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنَّكُمْ جيرانُ اللَّهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَأَهْلُ الْحَرَمِ، وَإِنَّ الْحَاجَّ ضَيْفُ اللَّهِ وزوَّار بَيْتِهِ، وَهُمْ أَحَقُّ الضَّيْفِ بِالْكَرَامَةِ، فَاجْعَلُوا لَهُمْ طَعَامًا وَشَرَابًا أَيَّامَ الحج، حتى يَصْدُروا عنكم، فَكَانُوا يُخْرِجُونَ لِذَلِكَ كُلَّ عَامٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ خَرْجًا، فَيَدْفَعُونَهُ إلَيْهِ، فَيَصْنَعُهُ طَعَامًا لِلنَّاسِ أَيَّامَ مِنى، فَجَرَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى قَوْمِهِ حَتَّى قَامَ الْإِسْلَامُ، ثُمَّ جَرَى فِي الْإِسْلَامِ إلَى يَوْمِكَ هَذَا، فَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يَصْنَعُهُ السُّلْطَانُ كُلَّ عَامٍ بِمَنَى لِلنَّاسِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْحَجُّ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بِهَذَا مِنْ أَمْرِ قُصَي بْنِ كِلَابٍ، وَمَا قَالَ لِعَبْدِ الدَّارِ فِيمَا دُفِعَ إلَيْهِ مِمَّا كان بيده: أبو إسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵃، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ لِرَجُلِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يُقَالُ لَهُ: نُبَيْه بْنُ وَهْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عِكرمة بْنِ عَامِرِ بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ.
قَالَ الْحَسَنُ: فَجَعَلَ إلَيْهِ قُصي كُلَّ مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنْ أَمْرِ قَوْمِهِ، وَكَانَ قُصي لَا يُخَالفَ، وَلَا يُردّ عَلَيْهِ شَيْءٌ صَنَعَهُ.
ذِكْرُ مَا جَرَى مِنْ اختلاف قريش بعد قُصي وحلف المطيبين:
النزاع بَيْنَ بَنِي عَبْدِ الدِّارِ وَبَنِي أَعْمَامِهِمْ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
ثُمَّ إنَّ قُصَيَّ بْنَ كِلَابٍ هَلَكَ، فَأَقَامَ أَمْرَهُ فِي قَوْمِهِ وَفِي غَيْرِهِمْ بَنُوهُ مِنْ بَعْدِهِ. فَاخْتَطُّوا مَكَّةَ رِبَاعًا -بَعْدَ الَّذِي كَانَ قَطَعَ لِقَوْمِهِ بِهَا فَكَانُوا يَقْطَعُونَهَا فِي قَوْمِهِمْ، وَفِي غَيْرِهِمْ: مِنْ حُلَفَائِهِمْ وَيَبِيعُونَهَا. فَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ قُرَيْشٌ مَعَهُمْ لَيْسَ بَيْنَهُمْ اخْتِلَافٌ وَلَا تَنَازُعٌ، ثُمَّ إنَّ بَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ: عَبْدَ شَمْسٍ وهاشِمًا وَالْمُطَّلِبَ وَنَوْفَلًا، أَجَمَعُوا عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا مَا بِأَيْدِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصي مِمَّا كَانَ قُصَيٌّ جَعَلَ إلَى عَبْدِ الدَّارِ، مِنْ الْحِجَابَةِ وَاللِّوَاءِ وَالسِّقَايَةِ والرِّفادة، وَرَأَوْا أَنَّهُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُمْ لِشَرَفِهِمْ عَلَيْهِمْ وَفَضْلِهِمْ فِي قَوْمِهِمْ، فَتَفَرَّقَتْ عِنْدَ ذَلِكَ قُرَيْشٌ، فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مَعَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى رَأْيِهِمْ؛
1 / 120