حتى إن البنات استعظمن الأمر، واستقر الرأي بهن إلى اللجوء إلى دياب بن غانم، يناشدنه منازلة السركسي.
وما إن استجاب لمشورة السلطان حسن ونساء هلال المحرضات على القتال، حتى نزل إليه، إلا أن دياب بن غانم بدوره، تخاذل أمام هجماته، وانسحب إلى صيوان السلطان حسن، فلما شاهده بادره من فوره: «أراك في خوف واضطراب!»
فأجابه:
السركسي ما رأيت مثله فارس
يفتح على الحروب أبواب
ما له مثيل في الهلال وعامر
أيضا، ولا في ساير الأعراب «فانهزم الأمير دياب ببني زغبي، وأبو زيد ببني زحلان، والأمير حسن والقاضي بدير ببقية الفرسان، وتبعهم الوزير راشد، وشتتهم في جوانب القفار مسافة ثلاثة أيام، وكسب منهم غنائم كثيرة وأموال غزيرة، ولما أظلم الظلام رجعت الفرسان عن بعضهم البعض، ورجع الوزير والجمال، وصارت بني هلال مشتتين في البراري والتلال، واجتمع الأمير حسن والأمير دياب والأمير أبو زيد وأكابر الديوان، وأخذوا يتشاورون في خلاص ما أخذه منهم قوم السركسي، وكيف يقتلوا الوزير الذي كان سبب هذا البلاء.»
قال الراوي: «وكان للأمير حسن ابن أخت شديد البأس قوي المراس، يسمى الأمير عقل، وكانت أوصافه ممدوحة مستحسنة، وعمره أربع عشرة سنة، فلما رأى ما جرى وكان، وانهزام الأبطال والفرسان من قتال السركسي في ساحة الميدان، واستعظم ذلك الشأن، فجاء إلى عند خاله الأمير حسن، وتعهد له بقتل السركسي، وإزالة الكروب والمحن، بشرط أن تذهب معه النساء والبنات، ليشجعوه في الحرب والثبات، ثم إنه بعد ذلك الكلام أنشد هذا الشعر والنظام:
يقول الفتى الأمير عقل بما جرى
ونيران قلبي زايدات وقيد
ناپیژندل شوی مخ