وأحط يدي عليهم وتم ذرعاني
وهذه المحابيس يوم العيد ندبحهم
وأجعل دماهم في الأرض طوفان
وأجيب أبو زيد وأعماله الماكر
كي ينظر العذاب أشكال وألوان» «وعن طريق تضمينه الاستعانة بالخمر للإفلات من أسر، تمكن أبو زيد من فك وثاق أبطال بني هلال من الأسر الصهيوني، وأخذهم في جنح الظلام، وساروا حتى وصلوا لقومهم، ففرحوا بهم فرحا شديدا، وطلعوا لاقوهم بالطبول والزمور وشكروا الأمير أبو زيد.» «وأما ما كان من أمر حنا والأبطال، فكانوا خمرانين - كما تقدم الكلام - ولما كان الصباح استفقدوا الأسارى فما وجدوهم، وفتشوا أبو بشارة فما وجدوه، فحينئذ علموا القضية، ثم صاح في الفرسان، وأمرهم يركبوا الخيل، فعند ذلك ركبوا ظهور المهارة، وجدوا في قطع الصحارى طالبين بني هلال، زالوا مجدين في سيرهم، حتى قاربوا الأرض التي فيها بني هلال، فقال لهم الوزير وأخوه مريض: خذوا أهبتكم للقتال، واستعدوا للحرب والنزال، ذلك وإذا بخيل بني هلال طلعت ولمعت رماحها في شعاع الشمس، وهي غائصة في الزرد والسلاح تحن خلفها قطع الرماح، وفي أوائلها أبو زيد، ومن جواره دياب وحسن القاضي وزيدان فرسان الحرب والطعان، فتبادرت إليهم عساكر جريس، وصاحوا بهم، فارتجت لصيحتهم الوديان، ثم سأل: من أنتم أيها اللئام؟ فجعل عليهم دياب بدون جواب، فتلقاه فارس يقال له الدهقان، وتجاول هو وإياه ساعة من الزمان، حكم دياب عليه السنان، وطعنه في صدره، خرج يلمع من ظهره، وكان معه عشرة من الفرسان، فلما نظروا ما حل به حملوا على دياب فتلقاهم كأنه أسد، وفي أقل من ساعة قتل سبع فرسان، وانهزم الباقون، وهم ينادون بالعرب أنقذونا. فكأن أبا زيد الهلالي في موقع الرأس المدبر للتحالف القبائلي الهلالي، ودياب بن غانم هو ذراعه الضارب.»
وعلى هذا النحو تبدع السيرة في تصوير الانتصار الأخير لدياب بن غانم على الصهاينة في ربوع الشام وفلسطين:
وأما دياب وبقية الفرسان، فإنهم فرقوا الكتائب، وأظهروا العجائب، ولما رأت عساكر الأعداء ما حل بهم من الدمار ولت الأدبار، وأركنت إلى الفرار، والتجأت إلى القلعة، فتبعهم أبو زيد والفرسان، فعندما طلبوا الأمان، فأعطاهم الأمان، ورتبوا عليهم الجزية في كل عام، ورجعوا إلى مضاربهم كسبانين غانمين، وفرق الأمير حسن ما غنموه من الجميع، وأقاموا على شرب قهوة وأكل وطعام مدة ثلاثة أيام، وبعد ذلك صمموا على الارتحال من تلك الأطلال، فهدمت الخيام، وانتشرت الرايات والأعلام، وركبت الفرسان ظهور الخيل، واعتقلوا بالرماح والنصول، وركبت النساء والبنات في الهوادج والعماريات، وجدوا في قطع البراري والآكام، حتى وصلوا إلى حمص، فأقاموا فيها خمسة أيام، وكانت تأتيهم الهدايا من جميع الولاة والحكام، وارتحلوا من بعلبك، ومنها إلى زحلة، وقد طابت أيامهم في هذه الرحلة؛ لأنهم كانوا يصرفون الأوقات في السرور والطرب، وقد زال عنهم العنا والكرب، وبعد ذلك صاروا قاصدين مدينة الشام، فوصلوا إليها عند الظلام، ونصبوا المضارب والخيام.
بنو هلال في دمشق
وتتوقف السيرة في جزئها الخامس على أبواب دمشق، عقب انتصار بني هلال على أبي بشارة العطار - حاكم بلاد صهيون - الذي هو بحق مثال التاجر السامي اليهودي مثل يعقوب الذي تسمى بإسرائيل.
وتحفظ السيرة لحاكم دمشق في ذلك الحين واسمه شبيب التبعي، أو التبع شبيب بن مالك، وهو كما يتضح من اسمه تبع أو ملك يمني من سلالة الملوك اليمنيين التباعنة، ملوك دول سبأ وقيتبان
ناپیژندل شوی مخ