ولما جرى في صعدة ما جرى من الشدة على المفسدة وخراب دورهم وحبس من حبس منهم أحزن ذلك الشيخ محيي الدين عطية بن محمد النجراني، فكتب إلى أمير المؤمنين كتابا يذكر فيه تشريد أهل المذهب الزيدي وهدم منازلهم ويعترض على أمير المؤمنين بما فعله أهل المعلى ويشكو لناس ويشفع لآخرين ويذكر تقصيرا في حقه فأجابه أمير المؤمنين عليهم السلام قال فيه: من عبد الله المهدي لدين الله أمير المؤمنين:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله
أما بعد:[106ب-أ] حمدا لله وسلام على عباده الذين اصطفى فإنها وردت علينا مطالعة الحضرة العالية المكرمة الصدرية العالمة ...... محيي الشريعة عماد السنة عمدة الموحدين مرتضى أميرالمؤمنين أدام الله إسعاده وواتر إمداده وأتحفه بالسلام ويسر مواجهته على أسر حال، فجاءت تعزيزا بائنا وموردا.. لأنها خلطت مستقيما وسقيما، وجمعت هينا وعظيما.
أما ما ذكرته الحضرة من تشريد أهل المذهب وتطريدهم وهدم منازلهم ومحو محاسنهم وفضائلهم وإيحاش أهلهم ودفن مشاربهم ومناهلهم فتلك سنة الله تعالى في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، وإنما كانوا أهل مذهب زيدي وصراط سوي بالأمس، وأما اليوم فإنه شب عمرو عن الطوق، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((سيأتي على الناس زمان يمسي الرجل فيه مؤمنا ويصبح كافرا ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا)) وإنما كان ذلك بالولاء والبراء وإلا فهي ليلة واحدة أو يوم واحد لا يحكم المرء مذهبا تتبعه أحكامه ويلزمه كفره وإسلامه، والقوم باءوا بذنوبهم ووصموا لعيوبهم، فإن كان الأسى لحق الحضرة كما لحق ذلك النبي على قومه، قلنا له ماقال الله لذلك النبي: {فلا تأس على قوم كافرين} وإن كان أحزنه ما رأى من إيحاش الأهل وهدم المنازل، قلنا له ما قال الله لغيره في منازل أهل الظلم والغشم: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا}.
مخ ۳۲۸